﴿وَمَا كَانَ هَٰذَا الْقُرْآنُ أَن يُفْتَرَىٰ مِن دُونِ اللَّهِ﴾: حينما نستمع إلى القرآن الكريم وما فيه من سرّ الآداب والإخبار بالمغيّبات الّتي لا تخضع للزّمان ولا للمكان، توقن الفطرة السّليمة أنّ هذا القرآن الكريم لا يمكن أن يُفترى، بل لا بدّ أنّ قائله ومنزّله عليمٌ خبيرٌ؛ لأنّه جاء مصدّقاً لما بين يديه من الكتب السّابقة، فهذه الكتب بشّرت برسول الله صلى الله عليه وسلم، كما جاء في القرآن الكريم عن تصديق سيّدنا عيسى عليه السلام: ﴿وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُم مُّصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِن بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ﴾ {الصّفّ: من الآية 6}، وإخبار الغيب في القرآن الكريم إمّا خرقٌ للماضي أو للحال أو للمستقبل، فالقرآن الكريم لا يمكن أن يكون مفترىً من قِبل النّبيّ صلى الله عليه وسلم وحاشاه، فكيف يُتّهم الرّسول عليه الصّلاة والسّلام؟
﴿وَتَفْصِيلَ الْكِتَابِ﴾: القرآن الكريم جاء بتفصيل كلّ الأحكام الصّالحة إلى قيام السّاعة، أمّا الكتب السّابقة فضمّت الأحكام المناسبة لزمانها وأمكنة نزولها.
﴿لَا رَيْبَ فِيهِ مِن رَّبِّ الْعَالَمِينَ﴾: أي لا شكّ فيه، يكشف الكفّار ويفضح ارتيابهم وكذبهم، فهم اقترفوا الكثير ومع ذلك اعترفوا بعظمة كتاب الله سبحانه وتعالى، وقالوا: ﴿وَقَالُوا لَوْلَا نُزِّلَ هَٰذَا الْقُرْآنُ عَلَىٰ رَجُلٍ مِّنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ﴾ {الزّخرف}، فقد عرفوا أنّ القرآن الكريم لا عيب ولا ريب فيه، فأتى الرّدّ على القول بالافتراء بقول الله سبحانه وتعالى بأنّه: ﴿مِن رَّبِّ الْعَالَمِينَ﴾: