نقض الله سبحانه وتعالى بهذه الآية مذهب الجبريّة وهدَمه تماماً، وهذا الدّليل ﴿وَمَاذَا عَلَيْهِمْ﴾ أي ما كان عليك لو أنّك آمنت بالله سبحانه وتعالى وباليوم الآخر؟ لا تأتي هذه الجملة إلّا إذا كنت مخيّراً بين أن تؤمن أو لا تؤمن.
وعندما نتحدّث عن الإسلام بأنّه دينٌ، والدّين لا يكون دين إجبارٍ وإنّما هو دين اختيارٍ، دين عقلٍ وحجّةٍ وبرهانٍ، وسلطان الدّين يأتي من الحجّة والدّليل والبرهان، ولا يأتي بالسّيف والقتل والإرهاب؛ لأنّك أمام قالبٍ وقوالبَ، فالقالب ممكنٌ أن تخضعه بالقوّة، وقد يسجد القالب أمامك خوفاً منك ومن سلاحك. لكن هل تستطيع أن تَدْخُل القلب وتسيطر عليه؟ لن تستطيع أن تسيطر على قلبٍ إلّا بالإقناع والحجّة والبرهان، هذا هو سلطان الدّين، سلطان الحجّة والبرهان والدّليل، وليس سلطان القوّة والقهر والإجبار كما حوّلته الحركات التّكفيريّة والمتطرّفة.
﴿لَوْ آمَنُواْ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَأَنفَقُواْ مِمَّا رَزَقَهُمُ اللّهُ﴾: ماذا كان عليهم لو أنّهم آمنوا بالله سبحانه وتعالى واليوم الآخر وأنفقوا ممّا رزقهم عزَّ وجل. وهو سبحانه وتعالى عليمٌ بهم.
إذاً: كان هناك اختيارٌ لهم، وهم اختاروا عكس ذلك.