﴿وَلِكُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولٌ﴾: الله سبحانه وتعالى لا يُعذّب قوماً إلّا بعد أن يُرسل إليهم رسولاً، فإذا كفروا به فيحقّ عليهم العذاب، قال سبحانه وتعالى: ﴿ وَإِن مِّنْ أُمَّةٍ إِلَّا خَلَا فِيهَا نَذِيرٌ ﴾ {فاطر: من الآية 24}، وهو القائل سبحانه وتعالى: ﴿ وَمَا كَانَ رَبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرَىٰ حَتَّىٰ يَبْعَثَ فِي أُمِّهَا رَسُولًا يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِنَا ۚ وَمَا كُنَّا مُهْلِكِي الْقُرَىٰ إِلَّا وَأَهْلُهَا ظَالِمُونَ ﴾ {القصص}، وقال جل جلاله: ﴿ذَلِكَ أَنْ لَمْ يَكُنْ رَبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا غَافِلُونَ﴾ {الأنعام}، فلا تجريم ولا عقوبة إلّا بنصٍّ، وقد أرسل سبحانه وتعالى في كلّ أمّةٍ رسولاً، حتّى لا يحتجّ أحدٌ بأنّه لم يصل إليه شيءٌ يُحاسب بمقتضاه، وكلّ رسولٍ قد جاء آمن به بعض قومه وكفر به بعضهم، فالّذين آمنوا به انتصروا، والّذين كفروا به هُزموا، وفي الآخرة تُنادى كلّ أمّةٍ باسم رسولها: يا أمّة محمّد، يا أمّة موسى، يا أمّة عيسى، يا أمّة إبراهيم.. وهكذا، يقول سبحانه وتعالى: ﴿ فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِن كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَىٰ هَٰؤُلَاءِ شَهِيدًا﴾ {النّساء}، وما دام الإيمان قد حدث وكذلك الكفر، فلا بدّ من القضاء بين المؤمنين والكافرين يوم القيامة.
﴿فَإِذَا جَاءَ رَسُولُهُمْ قُضِيَ بَيْنَهُم بِالْقِسْطِ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ ﴾: القسط: العدل، وحينها يعتبر المؤمنُ الكافرَ منازعاً له، والكافرُ يعتبر المؤمنَ منازعاً له، ويصير الأمر قضيّةً تتطلّب الحُكم، لذلك يقول الحقّ سبحانه وتعالى:﴿قُضِيَ بَيْنَهُم بِالْقِسْطِ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ﴾؛ أي يُقضى بينهم بالعدل، فالله سبحانه وتعالى يتقصّى حسنات المؤمنين، ويزيد هذه الحسنات، أمّا الكافرين فلا توجد لهم حسناتٌ؛ لأنّهم كفروا بالله سبحانه وتعالى فيوردهم النّار، وقد أبلغهم الرّسول الكريم أنّه سيأتي يومٌ يُسألون فيه عن كلّ شيءٍ، فاستبعدوا وتعجّبوا من البعث وأنكروه.