﴿وَلِكُلٍّ دَرَجَاتٌ مِّمَّا عَمِلُوا ۚ﴾: درجاتٌ في العمل، فالإنسان يسير في هذه الدّرجات، أو يهبط في الدّركات من خلال عمله، وليس من خلال قوله، يقول النّبيّ صلَّى الله عليه وسلَّم: «إنّ الله لا ينظر إلى صوركم وأموالكم، ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم»([1])، وبيّن الله سبحانه وتعالى لنا في كثيرٍ من الآيات بأنّ الإيمان إذا لم يقترن بالعمل الصّالح فلا جزاء له، فقال جلَّ جلاله: ﴿وَأَن لَّيْسَ لِلْإِنسَانِ إِلَّا مَا سَعَىٰ (39) وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَىٰ (40) ثُمَّ يُجْزَاهُ الْجَزَاءَ الْأَوْفَىٰ﴾ [النّجم]، ﴿وَالْعَصْرِ (1) إِنَّ الْإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ (2) إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ﴾ [العصر]، وقال عزَّ وجلّ: ﴿إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ يَهْدِيهِمْ رَبُّهُم بِإِيمَانِهِمْ ۖ تَجْرِي مِن تَحْتِهِمُ الْأَنْهَارُ فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ (9) دَعْوَاهُمْ فِيهَا سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَتَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلَامٌ ۚ وَآخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ [يونس]، ﴿إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلًا﴾ [الكهف]، فالقضيّة هي قضيّة أعمالٍ وسلوكيّاتٍ، فلم يأت الإسلام بخطبٍ رنّانةٍ، ولم ينتشر بالمواعظ وإلقاء الكلمات من على المنابر فقط، وإنّما انتشر بالسّلوكيّات والأخلاق، بالصّدق والأمانة والإيثار والخير الّذي يعمّ النّاس من جرّاء تعاليم هذا الدّين ورفع الحيف عن النّاس، والله سبحانه وتعالى يقول: ﴿إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَىٰ وَيَنْهَىٰ عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ ۚ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ﴾ [النّحل]، والله سبحانه وتعالى يبيّن أنّ الدّعوة إليه طريقها الأسوة السّلوكيّة برسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم حيث قال المولى سبحانه وتعالى: ﴿لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا﴾ [الأحزاب].
﴿وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ﴾: الله سبحانه وتعالى يعلم السّرّ وأخفى، ﴿فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ (7) وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ﴾ [الزّلزلة].