من الّذي سيستجيب للوسوسة؟ إنّه مَن يستمع لها، وهناك فارقٌ بين السّمع والاستماع، الاستماع يكون باهتمامٍ وتتبّعٍ، الأذن ليس لها جفنٌ تغلقه مثل العين، فهي تسمع كلّ الأصوات، أمّا كلمة: (تستمع) فتختلف، والإصغاء: هو نوعٌ من الاستماع باهتمامٍ، مَن الّذي يصغي إلى أقوالهم؟ الأفئدة الّتي قلّبناها؛ لأنّ القلب مريضٌ عندما يصغي أي يستمع للوسوسة، وينفّذ ما يطلبه هؤلاء الأعداء وهؤلاء الحاسدون والحاقدون.
﴿وَلِتَصْغَىٰ إِلَيْهِ أَفْئِدَةُ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ﴾: هنا يجب أن نتوقّف، لماذا قال: ﴿لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ﴾، ولم يقل: لا يؤمنون بالله سبحانه وتعالى؟ الجواب: لأنّ الإيمان بالآخرة هو أحد أهمّ عناصر الإيمان بالله سبحانه وتعالى الّتي تفيد الدّنيا، فإن لم يكن هناك آخرةٌ فهذه كارثةٌ، ودائماً الله سبحانه وتعالى يؤكّد على الإيمان بالآخرة، فالظّالم لن يفلت من ظلمه، والسّارق لن يفلت، والإنسان سيُحاسب، وإنّنا لم نُخلَق هكذا، فنحن لسنا بغابةٍ يأكل القويّ الضّعيف والغنيّ الفقير، فالّذي ظُلم يقتصّ الله سبحانه وتعالى له، والظّالم سيلقى جزاءه، والله سبحانه وتعالى هو العدل، فالمشهد من قسمين، ولا يكون إلّا من خلال رؤية الدّنيا وفي المقابل الآخرة، فاليوم عملٌ ولا حساب، وغداً حسابٌ ولا عمل.