ما زال الحديث عن علاقة الرّسول صلَّى الله عليه وسلَّم مع المؤمنين ومع المجتمع، وتأتي هذه الآية متابعةً للآية السّابقة:
﴿وَلَوْ أَنَّا كَتَبْنَا عَلَيْهِمْ﴾: كتب الله سبحانه وتعالى على بني إسرائيل ليخرجوا من ذنبهم أن يقتلوا أنفسهم أو يخرجوا من ديارهم، ولكنّهم لم يفعلوا ذلك، والله تعالى يتحدّث عن أمّة سيّدنا محمّد صلَّى الله عليه وسلَّم، والمجتمع الّذي يوجد فيه المنافقون الّذين أصبحوا الدّاء العضال فيه، والحديث كلّه هنا يتعلّق بهم:
﴿وَلَوْ أَنَّا كَتَبْنَا عَلَيْهِمْ أَنِ اقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ أَوِ اخْرُجُواْ مِن دِيَارِكُم﴾: يعطي هذا معنىً عن حبّ الوطن، فالخروج من الدّيار كقتل النّفس، حبّ الوطن من الإيمان، وحبّ الوطن بالنّسبة للإنسان كحبّه لنفسه؛ لأنّ الإنسان الّذي لا يحبّ وطنه ولا خير فيه له لا خير فيه لنفسه، فالأفراد هم الأساس في بناء المجتمع.
والمؤمن يُفترض به أن ينفّذ ما أمره الله سبحانه وتعالى به، لكنّ بني إسرائيل كانت ردودهم على هذا الأمر: ﴿مَّا فَعَلُوهُ إِلاَّ قَلِيلٌ مِّنْهُمْ﴾: أي القليل منهم فعلوا ما أُمروا به.
﴿وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُواْ مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْرًا لَّهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتًا﴾: الخيريّة من عند الله سبحانه وتعالى أن تنفّذ أمره عزَّ وجلفيما أمر وفيما نهى، ولكنّ التّشكيك يأتي إمّا من فئة غير المؤمنين أو من فئة المنافقين داخل المجتمع.