الآية رقم (179) - وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَاْ أُولِيْ الأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ

﴿وَلَكُمْ﴾: أي أنّ فيها خيراً لكم كلّكم؛ لأنّ الله عندما يشرّع، يشرّع لكلّ البشر لا يشرّع لك فقط، إذا أنت اعتديت على غيرك، أنت تنظر إلى تشريع القصاص على أنّه عليك، بينما هو لغيرك؛ لأنّك أنت المعتدي، إذاً قوله سبحانه وتعالى: ﴿وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ﴾ كمجموعة، كمجتمع، كأمّة.

﴿الْقِصَاصِ﴾: من قصّ الأثر أي تتبّع الجريمة.

﴿حَيَاةٌ﴾؛ لأنّه لولا القصاص والعقوبة ما كانت هناك حياة، ولأكل النّاس بعضهم بعضاً، فلماذا تنظر إلى المعاقَب كإنسان ولا تنظر إليه كمجرم؟ لماذا تقول: هذه العقوبة شديدة، قانون العقوبات في الإسلام جاء للرّدع والمنع، وليس للقطع، فإن لم تمتنع ولم ترتدع فيكون الجزاء، لذلك وُضِعت القوانين الجزائيّة وشُرِعَت العقوبات، ولا يمكن لحياة أن تستمرّ ولا يمكن لحياة أن تتقدّم إلّا من خلال العقوبات الجزائيّة وهذا أمر هامّ، لو لم نقتصّ من القاتل، ونعاقب السّارق… لأصبحت الحياة فوضى لا تُطاق، ورغم وجود محاكم وعقوبات وقصاص فإنَّ النّاس لم يرتدعوا.

﴿يَا أُولِيْ الأَلْبَابِ﴾: من له عقل يعرف أنّ في القصاص حياة وليس موتاً، هذا الحدّ وُضِع للحياة ولم يُوضَع للموت، وُضِع من أجل أن يحيا الآخرون، فالمجرم والقاتل والسّارق والزّاني يجب أن يطبّق عليه الحدّ، العقوبات تمنع الجريمة، وتحمي المجتمع، إذاً هل في القصاص من القاتل ممات أم حياة؟ فأنت عندما تحكم على الجاني، فأنت قد أحييت الآلاف؛ لأنّك منعت الجريمة، وهذا هو الأساس في قانون العقوبات، ﴿يَا أُولِيْ الأَلْبَابِ﴾ ذوو العقول يعلمون أنّ هذه الأحكام هي الّتي تحيا بها الأمم.

﴿لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾: كما لك حقوق، فعليك أيضاً واجبات، تأخذ حقّاً مقابله واجب تؤدّيه للوطن وللمجتمع.

وَلَكُمْ: الواو استئنافية لكم جار ومجرور متعلقان بمحذوف خبر مقدم.

فِي الْقِصاصِ: متعلقان بمحذوف حال.

حَياةٌ: مبتدأ مؤخر.

يا أُولِي: يا أداة نداء أولي منادى مضاف منصوب بالياء لأنه ملحق بجمع المذكر السالم.

الْأَلْبابِ: مضاف إليه.

لَعَلَّكُمْ: لعل واسمها.

تَتَّقُونَ: فعل مضارع والواو فاعل والجملة خبر لعل

الْأَلْبابِ: جمع لب: وهو العقل.