الآية رقم (123) - وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللّهُ بِبَدْرٍ وَأَنتُمْ أَذِلَّةٌ فَاتَّقُواْ اللّهَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ

كانت الآيات السّابقة تتحدّث عن غزوة أُحُد، وكان هذا تقديماً بآيتين عن غزوة أُحُد ثمّ جاء الاستدلال بغزوة بدر وهذا له معان عميقة، فالقرآن الكريم لا يؤرّخ للحدث، وإنّما يعطي عموميّة الفائدة والدّروس المستخلصة لكلّ زمان ومكان، فدمج آيتين عن غزوة أُحُد بالقصّة الكاملة عن غزوة بدر، وأتبعها بجزئيّات غزوة بدر والنّصر فيها، بعد ذلك تأتي أكثر من ستّين آية تتعلّق بغزوة أُحُد، وهذه الغزوات الّتي تمّت كان فيها رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم هو القائد، ويؤخَذ منها دروس وعبر، وهنا يقول الله موضّحاً أنّ نصر الله سبحانه وتعالى لا يتعلّق فقط بالأخذ بالأسباب، مع التّأكيد على أنّه لا بدّ من الأخذ بها، ولا بدّ من أن يحتاط الإنسان عند لقاء العدوّ بكلّ العوامل المتعلّقة بالأسباب الدّنيويّة، وبعد ذلك فإنّ النّصر يكون من عند الله عز وجل، وهنا يأتي دور المدد الإيمانيّ، والقوّة الإيمانيّة الّتي يمكن أن تغلب قوّة السّلاح، لذلك كانت غزوة بدر معركة رائدة في تاريخ الأمّة العربيّة والإسلاميّة، استطاع فيها عدد قليل من المؤمنين أن ينتصروا نصراً عزيزاً مؤزّراً بفضل الله، فيقول الله عن تلك الموقعة:

وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ: الواو استئنافية اللام واقعة في جواب القسم قد حرف تحقيق وفعل ماض تعلق به الجار والمجرور والكاف مفعوله ولفظ الجلالة فاعله والجملة استئنافية.

وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ: مبتدأ وخبر والجملة في محل نصب حال

فَاتَّقُوا اللَّهَ: الفاء هي الفصيحة وفعل أمر والواو فاعله ولفظ الجلالة مفعوله والجملة جواب شرط غير جازم

لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ: لعل واسمها وجملة تشكرون خبرها وجملة لعلكم تعليلية لا محل لها من الإعراب.

أَذِلَّةٌ: واحدها ذليل: وهو من لا منعة له ولا قوة، وقد كان المسلمون في بدر قليلي العدد والسلاح