الآية رقم (94) - وَلَقَدْ جِئْتُمُونَا فُرَادَى كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَتَرَكْتُم مَّا خَوَّلْنَاكُمْ وَرَاء ظُهُورِكُمْ وَمَا نَرَى مَعَكُمْ شُفَعَاءكُمُ الَّذِينَ زَعَمْتُمْ أَنَّهُمْ فِيكُمْ شُرَكَاء لَقَد تَّقَطَّعَ بَيْنَكُمْ وَضَلَّ عَنكُم مَّا كُنتُمْ تَزْعُمُونَ

﴿وَلَقَدْ جِئْتُمُونَا فُرَادَى كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ﴾: أي كلّ فردٍ وحده؛ لأنّه عندما خُلق الإنسان أوّل مرّةٍ خُلق فرداً أو كما خلقناكم أوّل مرّةٍ جئتمونا من غير أن يكون معكم أموالٌ ولا أتباعٌ ولا أحسابٌ ولا أنسابٌ ولا مناصب ولا أيّ شيءٍ.

﴿وَتَرَكْتُم مَّا خَوَّلْنَاكُمْ﴾: ما خوّلناكم إمّا من أولادٍ، وإمّا من أموالٍ، وإمّا من أتباعٍ، ﴿يَوْمَ لَا يَنفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ﴾ [الشّعراء]، في هذه اللّحظات يأتي الإنسان فرداً أمام الله سبحانه وتعالى ليس له شفيعٌ، لذلك قال سبحانه وتعالى: ﴿وَمَا نَرَى مَعَكُمْ شُفَعَاءكُمُ الَّذِينَ زَعَمْتُمْ أَنَّهُمْ فِيكُمْ شُرَكَاء﴾، أين الّذين كنتم تستنصرون بهم؟ أين الّذين كنتم تعتزّون بهم؟ أين المال الّذي كنتم تنفقونه من أجل إقامة الظّلم بين النّاس أو سرقتهم أو الاعتداء عليهم وانتهاك حرماتهم؟ كلّ ذلك لن يشفع لكم إلّا العمل الصّالح.

﴿وَضَلَّ عَنكُم مَّا كُنتُمْ تَزْعُمُونَ﴾: أي تقطّع الّذي كان يصل بينكم وبين أموالكم أو بين جاهكم أو بين أحسابكم أو بين أنسابكم.

﴿وَضَلَّ عَنكُم مَّا كُنتُمْ تَزْعُمُونَ﴾: تاه وضاع.

وَلَقَدْ: الواو استئنافية، اللام واقعة في جواب القسم المقدر، قد حرف تحقيق

جِئْتُمُونا: فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بتاء الفاعل المتحركة، والميم لجمع الذكور، ونا مفعول به، والواو لإشباع الضمة

فُرادى: حال منصوبة بالفتحة المقدرة، والجملة لا محل لها جواب القسم.

كَما: الكاف حرف جر، ما مصدرية

خَلَقْناكُمْ: فعل ماض مبني على السكون ونا فاعل والكاف مفعول به والميم للجمع. والمصدر المؤول من ما المصدرية والفعل في محل جر بالكاف والجار والمجرور متعلقان بمصدر محذوف والتقدير جئتمونا مجيئا كخلقكم أول مرة

أَوَّلَ: ظرف زمان متعلق بالفعل قبله

مَرَّةٍ: مضاف إليه.

وَتَرَكْتُمْ: فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بتاء الفاعل، والواو حالية والجملة حالية

ما: اسم موصول مبني على السكون في محل نصب مفعول به.

خَوَّلْناكُمْ: فعل ماض ونا فاعله والكاف مفعوله والجملة صلة الموصول لا محل لها

وَراءَ: ظرف متعلق بالفعل قبله

ظُهُورِكُمْ: مضاف إليه

وَما نَرى مَعَكُمْ شُفَعاءَكُمُ: فعل مضارع تعلق به الظرف بعده وفاعله نحن وشفعاء مفعوله والجملة معطوفة على جملة (كَما خَلَقْناكُمْ) .

الَّذِينَ: اسم موصول في محل نصب صفة

زَعَمْتُمْ: فعل ماض وفاعل والجملة صلة الموصول لا محل لها

أَنَّهُمْ فِيكُمْ شُرَكاءُ: أن واسمها وخبرها الذي تعلق به الجار والمجرور قبله. وأن وما بعدها سدت مسد مفعولي زعم.

لَقَدْ: اللام واقعة في محل جواب القسم المقدر،

قد: حرف تحقيق

تَقَطَّعَ: فعل ماض والفاعل تقديره الوصل.

بَيْنَكُمْ: ظرف متعلق بالفعل تقطع

وَضَلَّ عَنْكُمْ ما: فعل ماض تعلق به الجار والمجرور واسم الموصول مفعوله والجملة معطوفة.

كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ: فعل ماض ناقص والتاء اسمها وجملة تزعمون خبرها ومفعولا تزعمون محذوفان والتقدير: ضل عنكم ما كنتم تزعمونهم شفعاء.

فُرادى: جمع فرد، أي منفردين عن الأهل والمال والولد

كَما خَلَقْناكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ: أي حفاة عراة غرلاً

خَوَّلْناكُمْ: أعطيناكم ومنحناكم من الأموال، والخول: الخدم والحشم. وتركتم ما خولناكم وراء ظهوركم: يراد به عدم الانتفاع بالشيء، وتركه في الدنيا بغير اختياركم

ما نَرى مَعَكُمْ شُفَعاءَكُمُ: أي الأصنام، يقال لهم ذلك توبيخًا

الَّذِينَ زَعَمْتُمْ أَنَّهُمْ فِيكُمْ: أي استحقاق عبادتكم

لَقَدْ تَقَطَّعَ بَيْنَكُمْ: بالضم أي وصلكم، أي تشتت جمعكم، وفي قراءة النصب: ظرف، أي وصلكم بينكم. والبين: الصلة، والمسافة بين شيئين أو أشياء، ويضاف إلى المثنى مثل: (فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ) [الحجرات 49/ 10] وإلى الجمع مثل: (أَوْ إِصْلاحٍ بَيْنَ النَّاسِ) [النساء 4/ 114] ولا يضاف إلى المفرد إلا إذا كرر نحو: (هذا فِراقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ) [الكهف 18/ 78]

وَضَلَّ عَنْكُمْ: أي غاب عنكم

ما كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ: في الدنيا من شفاعتها.