لم يقل: الحياة (معرّفة بلام التّعريف)، بل قال: ﴿حَيَاةٍ﴾ مُنكرة، أي نوع من الحياة، أيّة حياة مهما كانت سيّئة وتافهة، فهي أفضل عندهم من الموت. ولأنّ المشرك لا آخرة له، فالدّنيا هي كلّ همّه ومبلغ علمه، واليهود أحرص على الحياة من المشركين على حياتهم، فهم يودّون ويحبّون أن يعيشوا ألف سنة أو أكثر، ولو عاش ألف سنة لما زحزحه عمره هذا عن العذاب، وما دامت النّهاية هي الموت، يتساوى من عاش سنوات قليلة ومن عاش مئات السّنين. وقد جاءت كلمة ﴿يُعَمَّرُ﴾ مبنيّة للمجهول؛ لأنّ العمر ليس بيد أحد بل بيد الله سبحانه وتعالى، فالله سبحانه وتعالىهو الّذي يعطي العمر وهو الّذي ينهيه، وبما أنّ العمر ليس بيد الإنسان فجاء ﴿ يُعَمَّرُ﴾ مبنياً للمجهول. والعمر هو السّنون الّتي يقطعها الإنسان ما بين ميلاده وموته، مأخوذ من العمار؛ لأنّ الجسد تعمره الحياة، وعندما تنتهي الحياة يصبح الجسد جثّة هامدة.
وقد ورد العدد ﴿أَلْفَ سَنَةٍ﴾؛ لأنّ الألف نهاية ما كان يعرفه العرب من الحساب، وكانوا عند العدّ يقولون ألف ألف، ولم يقولوا مليوناً.