الآية رقم (42) - وَلاَ تَلْبِسُواْ الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُواْ الْحَقَّ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ

نتابع خطاب الله سبحانه وتعالى لبني إسرائيل، هذا الشّعب الّذي أجرم في حقّ الأنبياء والشّعوب، وهذا من إعجاز القرآن الكريم، فهو يسلّط الضّوء على عقائدهم وأفكارهم وانتماءاتهم وحركاتهم وإجرامهم… وعلى كلّ ما يتعلّق بهم؛ لأنّهم سيكونون أصل بلاء البشريّة كلّها عبر كلّ العصور والأزمنة حتّى يومنا هذا. فهم سبب كلّ بلاء وقع على المسلمين والعرب وعلى العالم كلّه. ويخاطبهم الله عزَّوجل بقوله: ﴿وَلاَ تَلْبِسُواْ الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُواْ الْحَقَّ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ، هذه وظيفتهم، فهم يسترون الحقّ ويخلطونه بالباطل، ويكتمون الحقّ وهم يعلمون.

اللَّبس: هو الخلط، أي أن تغطّي شيئاً بشيءٍ، المراد يخلطون الحقّ بالباطل.

الحقّ: هو الشّيء الثّابت الصّحيح الّذي لا يعتريه تغيير.

الباطل: له وجوه وأبواب متعدّدة، فهو من البطلان والزّيغ، أمّا الحقّ فله باب واحد، ووجه واحد.

والخطاب الإلهيّ موجّه لشعب بني إسرائيل، ولكن يجب أن ننتبه إلى أنّ هناك قاعدة وهي: (خصوصيّة السّبب، وعموميّة المعنى)، فالكلام موجّه إلينا جميعاً، ولكلّ من آمن بالرّسالات السّماويّة.. وإلباس الحقّ بالباطل فيه تورية وتغطية للحقّ، وتغيير لوجهته.

﴿وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ: تعلمون الحقّ، وتعلمون بأنّ هذا الدّين هو الحقّ.

وشعب بني إسرائيل اليوم ألا يعلمون أنّ فلسطين ليست أرضهم؟ وأنّ المسجد الأقصى هو للمسلمين وهو أُولى القبلتين؟ وأنّهم جاؤوا من كلّ بقاع الأرض وأجرموا وأرهبوا واحتلّوا أرض غيرهم؟ لكنّهم يلبسون الحقّ بالباطل.

وَلا: الواو عاطفة، لا ناهية جازمة.

تَلْبِسُوا: فعل مضارع مجزوم بحذف النون لأنه من الأفعال الخمسة، والواو فاعل. والجملة معطوفة.

الْحَقَّ: مفعول به.

بِالْباطِلِ: متعلقان بتلبسوا.

وَتَكْتُمُوا: الواو عاطفة، تكتموا فعل مضارع مجزوم مثل تلبسوا والجملة معطوفة، ويجوز إعراب الواو حالية وتلبسوا فعل مضارع

منصوب بأن المضمرة بعد الواو.

الْحَقَّ: مفعول به.

وَأَنْتُمْ: الواو حالية، أنتم مبتدأ وجملة تعلمون خبر. والجملة الاسمية في محل نصب حال.

تَعْلَمُونَ: مضارع وفاعله.

وَلا تَلْبِسُوا: لا تخلطوا الحق المنزل من الله بالباطل الذي تخترعونه، ولا تحرفوا ما في التوراة بالبهتان الذي تفترونه.