الآية رقم (52) - وَلاَ تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ مَا عَلَيْكَ مِنْ حِسَابِهِم مِّن شَيْءٍ وَمَا مِنْ حِسَابِكَ عَلَيْهِم مِّن شَيْءٍ فَتَطْرُدَهُمْ فَتَكُونَ مِنَ الظَّالِمِينَ

كان بعض الفقراء يأتون إلى رسول الله عليه الصّلاة والسّلام ويتعلّمون الدّين، والنّبيّ صلَّى الله عليه وسلَّم يحاول أن يجهد نفسه بدعوة عتاة المشركين حرصاً على إيمانهم، وليس ازدراءً بهؤلاء الفقراء، وليس المقصود هنا أن يعتقد أحدٌ أنّه عتابٌ لرسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم، وإنّما هو إشفاقٌ عليه صلَّى الله عليه وسلَّم بأنّ هؤلاء لن يؤمنوا مهما فعلت معهم، فكان النّبيّ صلَّى الله عليه وسلَّم لا يُعرض عن الفقير لأنّه فقيرٌ، ولكن كان حريصاً على أن يهدي هؤلاء العُتاة الّذين كانوا يؤذون الفقراء والمساكين وغير ذلك.

﴿مَا عَلَيْكَ مِنْ حِسَابِهِم مِّن شَيْءٍ وَمَا مِنْ حِسَابِكَ عَلَيْهِم مِّن شَيْءٍ﴾: فنحن لا نُحاسب النّاس على دينهم، وإنّما الحساب على الله سبحانه وتعالى، وهي دعوةٌ لكلّ النّاس وليست لرسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم فقط.

وَلا تَطْرُدِ الَّذِينَ: فعل مضارع مجزوم بلا الناهية وحرك بالكسر منعا من التقاء الساكنين، والفاعل ضمير مستتر تقديره أنت، واسم الموصول مفعول به والجملة مستأنفة لا محل لها

يَدْعُونَ رَبَّهُمْ: فعل مضارع وفاعل ومفعول به والجملة صلة الموصول لا محل لها

بِالْغَداةِ: متعلقان بالفعل يدعون

وَالْعَشِيِّ: عطف

يُرِيدُونَ وَجْهَهُ: الجملة الفعلية في محل نصب حال.

ما: ما نافية

عَلَيْكَ: متعلقان بمحذوف خبر المبتدأ شيء

مِنْ حِسابِهِمْ: متعلقان بمحذوف هذا الخبر.

مِنْ شَيْءٍ: من حرف جر زائد، شيء اسم مجرور لفظا مرفوع محلاً على أنه مبتدأ وأعرب بعضهم ما الحجازية العاملة عمل ليس وشيء اسمها وعليك خبرها المتقدم

وَما مِنْ حِسابِكَ عَلَيْهِمْ مِنْ شَيْءٍ: إعرابها كسابقها

فَتَطْرُدَهُمْ: مضارع منصوب بأن المضرة بعد فاء السببية والهاء مفعوله، ومثله المضارع الناقص

فَتَكُونَ: واسمها ضمير مستتر تقديره أنت وخبره «مِنَ الظَّالِمِينَ» .

(ما عليك من حسابهم): مستأنفة لا محل لها وجملة ما من حسابك معطوفة، والمصدر المؤول من فاء السببية

تطردهم: معطوف والتقدير لا يكن منك طرد وكون من الظالمين

تَطْرُدِ: الطرد: الإبعاد.

بِالْغَداةِ: أو الغدوة كالبكرة: ما بين طلوع الفجر إلى طلوع الشمس.

وَالْعَشِيِّ: آخر النهار، أو من المغرب إلى العشاء. والمراد جميع الأوقات.

يُرِيدُونَ وَجْهَهُ: أي يريدون بعبادتهم وجه الله تعالى أي ذاته، لا شيئاً من أعراض الدّنيا، وهم الفقراء، وكان المشركون طعنوا فيهم، وطلبوا أن يطردهم ليجالسوه، وأراد النّبي صلّى الله عليه وسلّم ذلك، طمعاً في إسلامهم.

حِسابِهِمْ: أي حساب إيمانهم وأعمالهم الباطلة.