﴿وَكَذَٰلِكَ﴾: أي إشارةٌ إلى كلّ ما سبق.
﴿جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ﴾: لماذا جعل الله سبحانه وتعالى لكلّ نبيٍّ عدوّاً؟ الجواب: لأنّ الشّرّ له رسالةٌ، وإذا أردت أن يظهر الأمر ويُعرف فانظر إلى ضدّه، كما قيل: وبضدّها تتميّز الأشياء، إذاً عندما يرى النّاس أنّ الشّرّ قد طغى يتوقون إلى الخير، لذلك جعل الله سبحانه وتعالى لكلّ نبيٍّ عدوّاً.
﴿عَدُوًّا﴾: العدوّ هو جنديٌّ من جنود الله سبحانه وتعالى حتّى ينتشر الخير، كما قال جلَّ جلاله: ﴿وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ ۚ﴾ [المدّثر: من الآية 31]، مثلاً: الألم شيءٌ سيّءٌ بالنّسبة للإنسان، لكنّه جنديٌّ من جنود العافية؛ لأنّه عندما يتألّم المريض في منطقةٍ ما فكأنّما هذا الألم يحثّ بقيّة الجسد ليتحرّك، الكريّات البيض وغيرها، ويتحرّك الإنسان أيضاً إلى الطّبيب والمشفى من جرّاء هذا الألم، وأخطر الأمراض الّتي تفتك بالجسد هي الّتي لا ألم معها، إذاً فعندما يجعل الله سبحانه وتعالى لكلّ نبيٍّ عدوّاً فهذه مشيئةٌ إلهيّةٌ، فالله سبحانه وتعالى جعل للشّرّ رسالةً يجب أن تؤدّى، في مجمل الحياة الدّنيا ليلاً ونهاراً، هناك تقابلٌ، لذلك نقول لأهل الحقّ: ألّا يحزنوا؛ لأنّهم إن اعتقدوا أنّهم سيعيشون بين الأنهار والظّلال والخيرات فهذا ليس طريق الأنبياء عليهم السَّلام، فطريق الأنبياء هو مواجهة الباطل بالحقّ، ومواجهة الشّرّ بالخير.
ووجود العداوة بين الحقّ والباطل، والخير والشّرّ سنّةٌ من سنن الله تبارك وتعالى، ولولا انتشار الشّرّ ما كان للخير مطالبون، فالنّاس تطالب بالخير عندما ترى الشّرّ، وتطالب بالحقّ عندما يعمّ الباطل، فوجود العدوّ يُعَدّ خيراً لكي يتحفّز الإنسان للخير، يقول الإمام الشّافعيّ:
عِداتي لهم فضلٌ عليّ ومِنَّةٌ هُم بحَثُوا عن زَلَّتي فاجتَنَبْتُهَا |
فلا أبعدَ الرّحمنُ عنّي الأعَادِيا وهُمْ نَافَسُوني فاكتَسَبْتُ المعَالِيا |