هذه طبيعة شعب بني إسرائيل، والله سبحانه وتعالى حدّد للنّبيّ من سيكون ملكاً عليهم، ورغم ذلك اعترضوا، أخبرهم أنّ شخصاً من بينهم اسمه طالوت سيكون هو الملك، فكان جوابهم: (قَالُوا أَنَّىٰ يَكُونُ لَهُ الْمُلْكُ عَلَيْنَا وَنَحْنُ أَحَقُّ بِالْمُلْكِ مِنْهُ وَلَمْ يُؤْتَ سَعَةً مِّنَ الْمَالِ)، لم يكن كما قيل حول هذا الموضوع، لم يكن من نسل بنيامين، ولا من نسل لاوي، لذلك رأوه ليس من نسب معيّن فرفضوا وقالوا: (وَنَحْنُ أَحَقُّ بِالْمُلْكِ مِنْهُ وَلَمْ يُؤْتَ سَعَةً مِّنَ الْمَالِ) انظروا للمقاييس البشريّة، والمقاييس الإلهيّة، يريدون أن يكون له نسب معيّن، ويريدون أن يكون عنده مال، ما زالت طبيعة البشر هي ذاتها حتّى هذا اليوم، يركضون وراء الشّخص الّذي يملك المال، وليس وراء الشّخص الّذي لديه أخلاق أو قيم، إذاً المقياس بالنّسبة لهم مادّيّ، هذا شعب بني إسرائيل، وهذا درس حتّى لا يكون الإنسان الّذي يمتلك المال هو الّذي يمتلك الإنسان، إنّما الإنسان الّذي يمتلك القيم هو الّذي يمتلك الإنسان، وليس الإنسان الّذي يمتلك المال.
قال نبيّهم: (قَالَ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاهُ عَلَيْكُمْ وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ) قوّة علميّة وقوّة ماديّة جسديّة، إذاً بماذا احتجّ النّبيّ عليهم؟ احتجّ بأنّ الله اختار، والاختيار كان بالعلم وبالقوّة النّافعة الّتي يتحكّم بها العلم، هذه حقيقة ديننا.
(وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ): واسع يعني كلّ ما في هذه الدّنيا تحت قبضة الله وسعة الله، وهو عليم بما ينفع الإنسان.