﴿وَذَرِ الَّذِينَ اتَّخَذُواْ دِينَهُمْ لَعِبًا وَلَهْوًا﴾: اللّعب: هو الاشتغال بما لا يفيد ولا ينفع، وإذا شغلك اللّعب عن واجباتك يصبح لهواً، هذا هو الفارق بين اللّعب واللّهو، اللّعب لا بأس به، لكنّ اللّهو أن تُشغل عن واجباتك وعن مسؤولياتك. فهم اتّخذوا الدّين لعباً ولهواً.
﴿وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا﴾: في هذه الآية بيانٌ عظيمٌ لكلّ البشر بأنّ الحياة الدّنيا هي متاع الغرور، ومشكلة النّاس بأنّهم نقلوا الغايات إلى الوسائل، والوسائل أصبحت غاياتٍ، فوجودك في الدّنيا وسيلةٌ لا غايةٌ؛ لأنّ هناك موتاً، ولو لم يكن هناك موتٌ لقلنا: هذا الكلام صحيحٌ، فمثلاً: درست وحصلت على الشّهادة الثّانويّة ثمّ تخرّجت من الجامعة وبعدها عملت وتزوّجت.. ماذا بعد ذلك؟ الّذي ليس له بعد هو الّذي يكون الغاية، المشكلة هي أنّ النّاس جعلوا الوسائل غاياتٍ، الحياة هي وسيلةٌ للوصول إلى ما بعد الموت، أي إلى الحساب والعقاب أو الثّواب، ولو أنّ الإنسان استطاع أن يوقف عجلة الموت، وأن يردّ مَلَك الموت، وأن يخترع ما يبقيه على قيد الحياة لكان هناك تفكيرٌ آخر، لكن الحقّ أنّه ما تخلّف أحدٌ منذ أن خلق الله سبحانه وتعالى آدم عليه السَّلام إلى هذه اللّحظة عن قانونٍ اسمه قانون الموت، قال تبارك وتعالى: ﴿إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُم مَّيِّتُونَ﴾ [الزّمر]، وقال جلّ وعلا: ﴿كُلُّ نَفْسٍ ذَآئِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَمَن زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَما الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلاَّ مَتَاعُ الْغُرُورِ﴾ [آل عمران]، والدّنيا أغيار، ما معنى أغيار؟ هل هناك شيءٌ ثابتٌ بالنّسبة للدّنيا؟ عمرك يومٌ، هل تثبت على عمرك يوم؟