الآية رقم (70) - وَذَرِ الَّذِينَ اتَّخَذُواْ دِينَهُمْ لَعِبًا وَلَهْوًا وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَذَكِّرْ بِهِ أَن تُبْسَلَ نَفْسٌ بِمَا كَسَبَتْ لَيْسَ لَهَا مِن دُونِ اللّهِ وَلِيٌّ وَلاَ شَفِيعٌ وَإِن تَعْدِلْ كُلَّ عَدْلٍ لاَّ يُؤْخَذْ مِنْهَا أُوْلَـئِكَ الَّذِينَ أُبْسِلُواْ بِمَا كَسَبُواْ لَهُمْ شَرَابٌ مِّنْ حَمِيمٍ وَعَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُواْ يَكْفُرُونَ

﴿وَذَرِ الَّذِينَ اتَّخَذُواْ دِينَهُمْ لَعِبًا وَلَهْوًا﴾: اللّعب: هو الاشتغال بما لا يفيد ولا ينفع، وإذا شغلك اللّعب عن واجباتك يصبح لهواً، هذا هو الفارق بين اللّعب واللّهو، اللّعب لا بأس به، لكنّ اللّهو أن تُشغل عن واجباتك وعن مسؤولياتك. فهم اتّخذوا الدّين لعباً ولهواً.

﴿وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا﴾: في هذه الآية بيانٌ عظيمٌ لكلّ البشر بأنّ الحياة الدّنيا هي متاع الغرور، ومشكلة النّاس بأنّهم نقلوا الغايات إلى الوسائل، والوسائل أصبحت غاياتٍ، فوجودك في الدّنيا وسيلةٌ لا غايةٌ؛ لأنّ هناك موتاً، ولو لم يكن هناك موتٌ لقلنا: هذا الكلام صحيحٌ، فمثلاً: درست وحصلت على الشّهادة الثّانويّة ثمّ تخرّجت من الجامعة وبعدها عملت وتزوّجت.. ماذا بعد ذلك؟ الّذي ليس له بعد هو الّذي يكون الغاية، المشكلة هي أنّ النّاس جعلوا الوسائل غاياتٍ، الحياة هي وسيلةٌ للوصول إلى ما بعد الموت، أي إلى الحساب والعقاب أو الثّواب، ولو أنّ الإنسان استطاع أن يوقف عجلة الموت، وأن يردّ مَلَك الموت، وأن يخترع ما يبقيه على قيد الحياة لكان هناك تفكيرٌ آخر، لكن الحقّ أنّه ما تخلّف أحدٌ منذ أن خلق الله سبحانه وتعالى آدم عليه السَّلام إلى هذه اللّحظة عن قانونٍ اسمه قانون الموت، قال تبارك وتعالى: ﴿إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُم مَّيِّتُونَ﴾ [الزّمر]، وقال جلّ وعلا: ﴿كُلُّ نَفْسٍ ذَآئِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَمَن زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَما الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلاَّ مَتَاعُ الْغُرُورِ﴾ [آل عمران]، والدّنيا أغيار، ما معنى أغيار؟ هل هناك شيءٌ ثابتٌ بالنّسبة للدّنيا؟ عمرك يومٌ، هل تثبت على عمرك يوم؟

وَذَرِ: فعل أمر مبني على السكون وحرك بالكسر لالتقاء الساكنين، والفاعل أنت واسم الموصول

الَّذِينَ: مفعوله والجملة معطوفة

اتَّخَذُوا دِينَهُمْ: فعل ماض وفاعله ومفعوله الأول

لَعِباً: مفعوله الثاني

وَلَهْواً: عطف والجملة صلة الموصول لا محل لها.

وَغَرَّتْهُمُ الْحَياةُ: فعل ماض ومفعوله وفاعله

الدُّنْيا: صفة والجملة معطوفة

وَذَكِّرْ بِهِ: معطوفة أيضًا

أَنْ تُبْسَلَ نَفْسٌ: مضارع منصوب ونائب فاعله، والمصدر المؤول من أن والفعل بعدها في محل جر بحرف الجر والتقدير: لئلا تبسل

بِما كَسَبَتْ: ما مصدرية وهي مؤولة مع الفعل بعدها بمصدر في محل جر بالباء، والجار والمجرور متعلقان بالفعل تبسل والتقدير أن تبسل بكسبها.

لَيْسَ لَها: الجار والمجرور متعلقان بمحذوف خبر الفعل الناقص ليس

مِنْ دُونِ اللَّهِ: لفظ الجلالة مضاف إليه متعلقان بمحذوف حال من ولي أو شفيع

وَلِيٌّ: اسم ليس مرفوع

وَلا شَفِيعٌ: عطف وجملة الفعل الناقص في محل رفع صفة نفس.

وَإِنْ تَعْدِلْ: إن شرطية وتعدل فعل الشرط وفاعله ضمير مستتر

كُلَّ: نائب مفعول مطلق

عَدْلٍ: مضاف إليه

لا يُؤْخَذْ مِنْها: جملة المضارع المبني للمجهول جواب الشرط، ونائب الفاعل ضمير مستتر، ومنها متعلقان بالفعل قبلهما، ولا نافية والجملة لا محل لها جواب شرط لم يقترن بالفاء أو إذا الشرطية، وجملة إن تعدل معطوفة.

أُولئِكَ: اسم إشارة مبني على الكسر في محل رفع مبتدأ، والكاف للخطاب «الَّذِينَ» اسم موصول في محل رفع خبر

أُبْسِلُوا: فعل ماض مبني للمجهول والواو نائب فاعله، والجملة صلة الموصول لا محل لها

بِما كَسَبُوا: المصدر المؤول المؤلف من ما المصدرية والفعل في محل جر بحرف الجر

(كسبوا): صلة.

لَهُمْ شَرابٌ: لهم متعلقان بخبر مقدم وشراب مبتدأ

مِنْ حَمِيمٍ: متعلقان بمحذوف صفة من شراب

وَعَذابٌ أَلِيمٌ: عطف

بِما كانُوا يَكْفُرُونَ: المصدر المؤول في محل جر بالباء والجار والمجرور متعلقان بعذاب أو بمحذوف صفة: لهم عذاب بكفرهم

(لهم عذاب): خبر ثان لاسم الإشارة أولئك.

وَذَرِ: اترك ولا تتعرض لهم.

لَعِباً وَلَهْواً: باستهزائهم به.

وَذَكِّرْ بِهِ: عظ بالقرآن الناس.

أَنْ تُبْسَلَ: لئلا تبسل نفس، أي تسلّم إلى الهلاك، وتحبس في النار، وتمنع من الثواب. والبسل: حبس الشيء ومنعه بالقوة، ومنه شجاع باسل، أي يحمي نفسه ويمنعها.

بِما كَسَبَتْ: عملت.

لَيْسَ لَها مِنْ دُونِ اللَّهِ: أي غيره.

وَلِيٌّ: ناصر.

وَلا شَفِيعٌ: يمنع عنها العذاب.

وَإِنْ تَعْدِلْ كُلَّ عَدْلٍ: تفد كل فداء.

لا يُؤْخَذْ مِنْها: ما تفدى به.

شَرابٌ مِنْ حَمِيمٍ: ماء بالغ نهاية الحرارة، أي شديد الحرارة.

وَعَذابٌ أَلِيمٌ: شديد الألم أو مؤلم.

بِما كانُوا يَكْفُرُونَ: بكفرهم