الآية رقم (228) - وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ ثَلاَثَةَ قُرُوَءٍ وَلاَ يَحِلُّ لَهُنَّ أَن يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ إِن كُنَّ يُؤْمِنَّ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ إِنْ أَرَادُواْ إِصْلاَحًا وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ وَاللّهُ عَزِيزٌ حَكُيمٌ

التّشريع الإسلاميّ جاء من أجل الإنسان وكرامته وحقوقه، منهج الله تبارك وتعالى هو المنهج القويم الّذي يحقّق الغاية في سعادتَي الدّنيا والآخرة، للمرأة وللرّجل على السّواء، والطّلاق شرّعه الله حفاظاً وصيانة للمجتمع؛ لأنّ امتزاج شخصين امتزاجاً كاملاً يعتريه في بعض الأحيان ما يفسده، فإن لم يكن هناك مجال للإصلاح والتّمهّل والعودة والتّفاهم، فإنّ الحلّ يكون بالطّلاق وبانفصال الشّريكين عن بعضهما في حياتهما المشتركة منذ بدايتها كشراكة إنسانيّة، في بناء الأسرة والعيش المشترك، فشرع الله الطّلاق لهذه الضّرورة، وإذا نجحت الحياة الزّوجيّة في بعض الأسر، وساد التّفاهم والحبّ بين الزّوجين، قد لا تنجح في أُسر أخرى، ولا بين كلّ زوجين، وليست كلّ علاقة زوجيّة المثال الكامل للسّعادة بين الرّجل والمرأة، ولا بدّ من أن يحدث الخلاف وتضارب الأهواء والميول في بعض الأحيان، فإمّا أن يصطلحا وهو الأفضل و«أبغض الحلال إلى الله عزَّ وجلّ الطّلاق»([1])، كما قال نبيّنا صلَّى الله عليه وسلَّم صحيح أنّه هو أبغض الحلال، لكنّه أُحلّ للنّاس في حالات لا يكون العلاج إلّا من خلال الطّلاق، وهنا جاءت هذه الآيات:

وَالْمُطَلَّقاتُ: الواو استئنافية المطلقات مبتدأ

يَتَرَبَّصْنَ: مضارع مبني على السكون ونون النسوة فاعل والجملة خبر

بِأَنْفُسِهِنَّ: متعلقان بيتربصن

ثَلاثَةَ: ظرف زمان متعلق بيتربصن وقيل مفعول به

قُرُوءٍ: مضاف إليه

وَلا: الواو عاطفة لا نافية

يَحِلُّ: مضارع

لَهُنَّ: متعلقان بيحل

أَنْ: حرف مصدري ونصب

يَكْتُمْنَ: فعل مضارع مبني على السكون في محل نصب بأن ونون النسوة فاعل وأن والفعل المضارع في تأويل مصدر في محل

رفع فاعل يحل

ما: اسم موصول مفعول به

خَلَقَ اللَّهُ: فعل ماض ولفظ الجلالة فاعل

فِي أَرْحامِهِنَّ: متعلقان بخلق والجملة صلة الموصول

أَنْ: حرف شرط جازم

كُنَّ: فعل ماض ناقص مبني على السكون لاتصاله بنون النسوة والنون اسمها وهي في محل جزم فعل الشرط

يُؤْمِنَّ: فعل مضارع وفاعل والجملة خبر كن وجواب الشرط محذوف تقديره: إن كن يؤمن فلا يفعلن.

بِاللَّهِ: لفظ الجلالة مجرور بالباء وهما متعلقان بيؤمن

وَالْيَوْمِ: عطف

الْآخِرِ: صفة

وَبُعُولَتُهُنَّ: الواو استئنافية بعولتهن مبتدأ

أَحَقُّ: خبر

بِرَدِّهِنَّ: متعلقان بأحق

فِي ذلِكَ: متعلقان بردهن

إنْ: حرف شرط جازم

أَرادُوا: فعل ماض وفاعل وهو في محل جزم فعل الشرط «إِصْلاحاً» مفعول به وجواب الشرط محذوف دل عليه ما قبله.

وَلَهُنَّ: متعلقان بمحذوف خبر مقدم

مِثْلُ: مبتدأ مؤخر

الَّذِي: اسم موصول مضاف إليه

عَلَيْهِنَّ: متعلقان بمحذوف صلة الموصول

بِالْمَعْرُوفِ: متعلقان بمحذوف صفة مثل أو بخبر والجملة الاسمية

وَلَهُنَّ: معطوفة على سابقتها

وَلِلرِّجالِ: الواو عاطفة للرجال متعلقان بمحذوف خبر مقدم

عَلَيْهِنَّ: متعلقان بمحذوف خبر أيضاً

دَرَجَةٌ: مبتدأ مؤخر والجملة معطوفة.

وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ: لفظ الجلالة مبتدأ وعزيز وحكيم خبران والجملة مستأنفة أو اعتراضية

يَتَرَبَّصْنَ: ينتظرن ويصبرن.

قُرُوءٍ: جمع قرء، ويطلق في كلام العرب على الطهر، وعلى الحيض حقيقة، فهو من ألفاظ الأضداد.

وأصل القرء: الاجتماع، وسمي الطهر قرءا لاجتماع الدم في البدن، وسمي الحيض قرءا لاجتماع الدم في الرحم

وقد يطلق القرء على الوقت، لمجيء الشيء المعتاد مجيئه لوقت معلوم، ولإدبار الشيء المعتاد إدباره لوقت معلوم.

ولمَّا كان الحيض معتاداً مجيئه في وقت معلوم، سمت العرب وقت مجيئه قرءًا.

وجاء القرء بمعنى الحيض في قوله صلّى الله عليه وسلّم لفاطمة بنت أبي حبيش: «دعي الصلاة أيام أقرائك»

لذا قال الحنفية والحنابلة: المراد بالقرء الحيض

وقال المالكية والشافعية: المراد به الطهر.

والاعتداد للمطلقات ثلاثة قروء مخصوص بالحرائر المدخول بهن، أما غيرهن أي قبل الدخول، فلا عدّة عليهن

لقوله تعالى: (فَما لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَها) [الأحزاب 33/ 49]

والقروء مخصوصة أيضا بغير الآيسة والصغيرة، لأنَّ عدتهما ثلاثة أشهر، وكذلك غير الحوامل لأنَّ عدة الحوامل بوضع الحمل، كما في

قوله تعالى: (وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلاثَةُ أَشْهُرٍ، وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ، وَأُولاتُ الْأَحْمالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ..) [الطلاق 65/ 4] .

وعدة الإماء: قرءان، بالسّنة.

ما خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحامِهِنَّ: من الولد أو الحيض.

وَبُعُولَتُهُنَّ: أزواجهن، مفرده بعل أي زوج، والمراد هنا الزوج الذي طلق.

إِنْ أَرادُوا إِصْلاحاً: بينهما، لا إضرار المرأة، وهو تحريض على قصده، لا شرط لجواز الرجعة، وهذا في الطلاق الرجعي.

وَلَهُنَّ: للنساء على الأزواج. مِثْلُ الَّذِي لهم عَلَيْهِنَّ من الحقوق.

بِالْمَعْرُوفِ: شرعاً، من حسن العشرة وترك الإضرار ونحو ذلك.

وَلِلرِّجالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ: أي فضيلة في الحق، من وجوب طاعتهن لهم، لمَّا ساقوه من المهر والإنفاق.

وَاللَّهُ عَزِيزٌ: في ملكه.

حَكِيمٌ: فيما دبّره لخلقه.