مجيء المقابل للشّيء يرسّخه في الذّهن، والله سبحانه وتعالى تكلّم عن الدّعوة إلى دار السّلام ومن دخل هذه الدّعوة فله الجنّة خالداً فيها، ولا يرهق وجهه قترٌ ولا ذلّةٌ، فكان لا بدّ أن يأتي بالمقابل، وأن يبشّع رفض الدّعوة إلى دار السّلام، وأن يحسّن الأمر عند من يقبلون الدّعوة.
﴿وَالَّذِينَ كَسَبُوا السَّيِّئَاتِ﴾: الكسب إنّما يكون بالأمر الفطريّ، ويناسب الطّاعات؛ لأنّ الطّاعة أمرٌ مناسبٌ وملائمٌ للفطرة، فلا أحد يستحي أن يصلّي أو يتصدّق أو يصوم أو يحجّ، لكن من النّاس من يستحي أن يُعرف عنه أنّه كاذبٌ أو مُرابٍ أو شارب خمرٍ.
﴿جَزَاءُ سَيِّئَةٍ بِمِثْلِهَا ﴾: ومن رحمة الله سبحانه وتعالى بالخلق أنّه يُجازي مرتكب السّيّئة بسيّئةٍ مثلها.
﴿مَا لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ عَاصِمٍ﴾: أي لن يجيرهم أحدٌ، ولن يقول أحدٌ لله جلّ جلاله: لا تعذّبهم.
﴿كَأَنَّمَا أُغْشِيَتْ وُجُوهُهُمْ قِطَعًا مِنَ اللَّيْلِ مُظْلِمًا ﴾: أي كأنّ قطعاً من اللّيل المظلم قد غطّت هذه الوجوه.