الآية رقم (27) - وَالَّذِينَ كَسَبُواْ السَّيِّئَاتِ جَزَاء سَيِّئَةٍ بِمِثْلِهَا وَتَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ مَّا لَهُم مِّنَ اللّهِ مِنْ عَاصِمٍ كَأَنَّمَا أُغْشِيَتْ وُجُوهُهُمْ قِطَعًا مِّنَ اللَّيْلِ مُظْلِمًا أُوْلَـئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ

مجيء المقابل للشّيء يرسّخه في الذّهن، والله سبحانه وتعالى تكلّم عن الدّعوة إلى دار السّلام ومن دخل هذه الدّعوة فله الجنّة خالداً فيها، ولا يرهق وجهه قترٌ ولا ذلّةٌ، فكان لا بدّ أن يأتي بالمقابل، وأن يبشّع رفض الدّعوة إلى دار السّلام، وأن يحسّن الأمر عند من يقبلون الدّعوة.

﴿وَالَّذِينَ كَسَبُوا السَّيِّئَاتِ﴾: الكسب إنّما يكون بالأمر الفطريّ، ويناسب الطّاعات؛ لأنّ الطّاعة أمرٌ مناسبٌ وملائمٌ للفطرة، فلا أحد يستحي أن يصلّي أو يتصدّق أو يصوم أو يحجّ، لكن من النّاس من يستحي أن يُعرف عنه أنّه كاذبٌ أو مُرابٍ أو شارب خمرٍ.

﴿جَزَاءُ سَيِّئَةٍ بِمِثْلِهَا ﴾: ومن رحمة الله سبحانه وتعالى بالخلق أنّه يُجازي مرتكب السّيّئة بسيّئةٍ مثلها.

﴿مَا لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ عَاصِمٍ﴾: أي لن يجيرهم أحدٌ، ولن يقول أحدٌ لله جلّ جلاله: لا تعذّبهم.

﴿كَأَنَّمَا أُغْشِيَتْ وُجُوهُهُمْ قِطَعًا مِنَ اللَّيْلِ مُظْلِمًا ﴾: أي كأنّ قطعاً من اللّيل المظلم قد غطّت هذه الوجوه.

«وَالَّذِينَ»: الواو استئنافية واسم الموصول مبتدأ.

«كَسَبُوا السَّيِّئاتِ»: ماض والواو فاعله والسيئات مفعوله المنصوب بالكسرة لأنه جمع مؤنث سالم والجملة صلة.

«جَزاءُ»: مبتدأ ثان.

«سَيِّئَةٍ»: مضاف إليه.

«بِمِثْلِها»: متعلقان بخبر محذوف وهذه الجملة خبر الذين.

«وَتَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ»: الواو استئنافية ومضارع ومفعوله المقدم وفاعله المؤخر والجملة مستأنفة.

«ما»: نافية.

«لَهُمْ»: متعلقان بخبر مقدم محذوف.

«مِنَ اللَّهِ»: لفظ الجلالة في محل جر بمن متعلقان بعاصم.

«مِنَ»: زائدة.

«عاصِمٍ»: مبتدأ مجرور لفظا مرفوع محلا.

«كَأَنَّما»: كافة ومكفوفة.

«أُغْشِيَتْ وُجُوهُهُمْ قِطَعاً»: ماض مبني للمجهول ونائب فاعل ومفعول به.

«مِنَ اللَّيْلِ»: متعلقان بصفة لقطعا.

«مُظْلِماً»: صفة ثانية والجملة مستأنفة.

«أُولئِكَ»: اسم الإشارة مبتدأ والكاف للخطاب.

«أَصْحابُ»: خبر.

«النَّارِ»: مضاف إليه والجملة مستأنفة.

«هُمْ»: مبتدأ.

«فِيها»: متعلقان بخالدون.

«خالِدُونَ»: خبر مرفوع بالواو لأنه جمع مذكر سالم والجملة حالية.

وَالَّذِينَ كَسَبُوا: عطف على الذين أحسنوا، أي وللذين كسبوا السيئات أي عملوا الشرك.

بِمِثْلِها: أي أن يجازى سيئة بسيئة مثلها لا يزاد عليها.

مِنْ عاصِمٍ: مِنَ زائدة، وعاصِمٍ: مانع يعصمهم من سخط الله ومن جهة الله ومن عنده، بخلاف المؤمنين الذين لهم مانع يعصمهم.

أُغْشِيَتْ: ألبست.

قِطَعاً: جزءا.

مُظْلِماً: لفرط سوادها وظلمتها.

أُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ: أي أولئك الكفار، فالآية في الكفار، لاشتمال السيئات على الكفر أو الشرك، ولأن الذين أحسنوا يتناول أصحاب الكبيرة من أهل القبلة، فلا يتناولهم قسيمه.