الذّكر هو ضدّ النّسيان، فالمولى سبحانه وتعالى جعل في مخّ الإنسان ذاكرة، فهذه الذّاكرة تلتقط الشّعور وتخزّن الأمور، قال سبحانه وتعالى: ﴿وَاذْكُر رَّبَّكَ إِذَا نَسِيتَ﴾ [الكهف: من الآية 24]، فالذّكر هو عمدة العبادات، حتّى أنّ الله سبحانه وتعالى أطلق اسم الذّكر على القرآن الكريم، فقال عزَّ وجل: ﴿إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ﴾]الحجر[، وسمّي بالذّكر؛ لأنّ قارئه يعيش مع كلام الله سبحانه وتعالى. والذّكر هو استحضار نعمة الله سبحانه وتعالى على العباد، فالإنسان عندما يعيش في نعمة الصّحّة وفي نعمة الرّزق والأمان فكأنّما أُعطِي مفاتيح الدّنيا كلّها، فبالشّكر تدوم النِّعَم، ويكون الشّكر بالذّكر، وعندما يذكر الإنسان ربّه فإنّه يمتثل لأوامر الله سبحانه وتعالى.
﴿وَمِيثَاقَهُ الَّذِي وَاثَقَكُم بِهِ﴾: الميثاق هو العهد، ويفسّر بأمرين:
1- عهد الإيمان؛ لأنّه ميثاقٌ بين العبد والربّ، وهو ميثاق الإيمان الّذي بموجبه آمنّا بالله عزَّ وجل، وبفضله سندخل الجنّة كما وعد الله سبحانه وتعالى.
2- وهناك ميثاقٌ آخر عندما كنّا في عالم الذّرّ، والميثاق الرّبانيّ هو في قوله سبحانه وتعالى: ﴿وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِي آدَمَ مِن ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ ۖ قَالُوا بَلَىٰ ۛ شَهِدْنَا ۛ أَن تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَٰذَا غَافِلِينَ﴾ [الأعراف]، لذلك في كلّ إنسانٍ فطرة إيمان كما قال النّبيّ صلَّى الله عليه وسلَّم: «ما من مولودٍ إلّا يولَد على الفطرة»([1])، ففي هذه الفطرة يوجد الإيمان، لكن لا بدّ من إرسال الرّسل لتعرّف عن المولى سبحانه وتعالى وصفاته وجلاله وعقابه وعن الحلال والحرام.
﴿وَاتَّقُوا اللَّهَ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ﴾: الله سبحانه وتعالى سبحانه وتعالى عليمٌ بما في صدورنا، وأعمالنا تكون حسب نوايانا، قال صلَّى الله عليه وسلَّم: «إنّما الأعمال بالنّيات، وإنّما لكلّ امرىء ما نوى فمن كانت هجرته إلى دنيا يُصيبها أو إلى امرأةٍ ينكحها فهجرته إلى ما هاجر إليه»([2])، وهذا معنى أنّ الله سبحانه وتعالى عليمٌ بذات الصّدور، وعليمٌ بالنّوايا إذا كانت لوجه الله تبارك وتعالى أم لا.