الآية رقم (27) - وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبَا قُرْبَانًا فَتُقُبِّلَ مِن أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الآخَرِ قَالَ لَأَقْتُلَنَّكَ قَالَ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ

هذه الآيات تتحدّث عن قصّةٍ قرآنيّةٍ تحكي واقعةً كونيّةً، وعندما تحكي القصّة القرآنيّة واقعةً كونيّةً تكون مطابقةً للحقّ تماماً، وليست كالقصّة البشريّة الّتي تعتمد على الشّخصيّات والأحداث والزّمان والمكان، فالقصّة القرآنيّة توصّف الأحداث والشّخصيّات بالشّكل الصّحيح الّذي جاء في التّاريخ، ولكنّها تتمحور حول العقيدة والوظائف الإيمانيّة الّتي كانت من الرّسل صلوات الله عليهم، ومن الأقوام الّتي عاندتهم حتّى نستخرج السّنن الكونيّة الّتي أرادها الله سبحانه وتعالى، فالمطابقة للواقع في القصّة القرآنيّة هي المطابقة الّتي نقول عنها: ﴿إِنَّ هَٰذَا لَهُوَ الْقَصَصُ الْحَقُّ﴾ [آل عمران: من الآية 62]، القصص الحقّ المطابق للواقع بشكلٍ كاملٍ، وما جاء اكتشافٌ أثريٌّ حتّى الآن إلّا وأثبت دقّة وصحّة كلّ ما ورد في كتاب الله سبحانه وتعالى حكايةً عن الأقوام السّابقين، ونحن أمام هذه القصّة القرآنيّة لأوّل الخلق وهما ابنا آدم عليه السَّلام:

﴿وَاتْلُ عَلَيْهِمْ﴾: كلمة التّلاوة من تلا يتلو تلاوةً، وهي القراءة بتمهّلٍ وترتيبٍ ووضوحٍ حتّى يرى فيها الحقائق، هذا هو الفرق بين تلا وقرأ.

﴿نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ﴾: والنّبأ هو الخبر العظيم الّذي له أهميّةٌ كبيرةٌ، وذلك كقوله سبحانه وتعالى: ﴿عَمَّ يَتَسَاءَلُونَ * عَنِ النَّبَإِ الْعَظِيمِ * الَّذِي هُمْ فِيهِ مُخْتَلِفُونَ﴾ [النّبأ]، فيكون المعنى: اتل عليهم يا محمّد وعلّمهم النّبأ عن ابني آدم بالحقّ.

وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ: فعل أمر تعلق به الجار والمجرور ونبأ مفعوله وفاعله أنت

ابْنَيْ: مضاف إليه مجرور بالياء لأنه مثنى وحذفت النون للإضافة

آدَمَ: مضاف إليه مجرور بالفتحة

بِالْحَقِّ: متعلقان بمحذوف حال أي: ملتمساً بالحق

إِذْ قَرَّبا قُرْباناً: إذ ظرف لما مضى من الزمن متعلق بنبإ والجملة الفعلية من الفعل والفاعل والمفعول به بعده في محل جر بالإضافة

فَتُقُبِّلَ مِنْ أَحَدِهِما: الجار والمجرور متعلقان بالفعل المبني للمجهول قبلهما والجملة معطوفة بالفاء.

وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الْآخَرِ: عطف على الجملة قبلها

قالَ لَأَقْتُلَنَّكَ: اللام موطئة للقسم فعل مضارع مبني على الفتح لاتصاله بنون التوكيد الثقيلة والكاف مفعوله والجملة جواب قسم مقدر لا محل لها وفعل القسم المقدر وجوابه مقول القول

قالَ إِنَّما يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ: الجار والمجرور متعلقان بالفعل قبلهما ولفظ الجلالة فاعله وإنما كافة ومكفوفة والجملة مقول القول.

وَاتْلُ: أي اقرأ يا محمد

عَلَيْهِمْ: على قومك

نَبَأَ: خبر

ابْنَيْ آدَمَ: هابيل وقابيل

بِالْحَقِّ: متعلق باتل

إِذْ قَرَّبا قُرْباناً: ما يتقرب به إلى الله تعالى من الذبائح وغيرها، وهو مصدر في الأصل، يستوي فيه الواحد وغيره، وقربانهما: كبش لهابيل وزرع لقابيل

فَتُقُبِّلَ مِنْ أَحَدِهِما: وهو هابيل، بأن نزلت نار من السماء فأكلت قربانه

وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الْآخَرِ: وهو قابيل، فغضب وأضمر الحسد في نفسه إلى أن حج آدم.