هذه الآيات تتحدّث عن قصّةٍ قرآنيّةٍ تحكي واقعةً كونيّةً، وعندما تحكي القصّة القرآنيّة واقعةً كونيّةً تكون مطابقةً للحقّ تماماً، وليست كالقصّة البشريّة الّتي تعتمد على الشّخصيّات والأحداث والزّمان والمكان، فالقصّة القرآنيّة توصّف الأحداث والشّخصيّات بالشّكل الصّحيح الّذي جاء في التّاريخ، ولكنّها تتمحور حول العقيدة والوظائف الإيمانيّة الّتي كانت من الرّسل صلوات الله عليهم، ومن الأقوام الّتي عاندتهم حتّى نستخرج السّنن الكونيّة الّتي أرادها الله سبحانه وتعالى، فالمطابقة للواقع في القصّة القرآنيّة هي المطابقة الّتي نقول عنها: ﴿إِنَّ هَٰذَا لَهُوَ الْقَصَصُ الْحَقُّ﴾ [آل عمران: من الآية 62]، القصص الحقّ المطابق للواقع بشكلٍ كاملٍ، وما جاء اكتشافٌ أثريٌّ حتّى الآن إلّا وأثبت دقّة وصحّة كلّ ما ورد في كتاب الله سبحانه وتعالى حكايةً عن الأقوام السّابقين، ونحن أمام هذه القصّة القرآنيّة لأوّل الخلق وهما ابنا آدم عليه السَّلام:
﴿وَاتْلُ عَلَيْهِمْ﴾: كلمة التّلاوة من تلا يتلو تلاوةً، وهي القراءة بتمهّلٍ وترتيبٍ ووضوحٍ حتّى يرى فيها الحقائق، هذا هو الفرق بين تلا وقرأ.
﴿نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ﴾: والنّبأ هو الخبر العظيم الّذي له أهميّةٌ كبيرةٌ، وذلك كقوله سبحانه وتعالى: ﴿عَمَّ يَتَسَاءَلُونَ * عَنِ النَّبَإِ الْعَظِيمِ * الَّذِي هُمْ فِيهِ مُخْتَلِفُونَ﴾ [النّبأ]، فيكون المعنى: اتل عليهم يا محمّد وعلّمهم النّبأ عن ابني آدم بالحقّ.