(وَإِن كُنتُمْ عَلَىٰ سَفَرٍ وَلَمْ تَجِدُوا كَاتِبًا فَرِهَانٌ مَّقْبُوضَةٌ): في حالة السّفر لا يوجد كاتب عدل، إذاً لا مانع إن لم تجدوا فرهانٌ مقبوضةٌ، إذاً يوجد رهن، أباح الإسلام هذا الأمر حتّى يكون هناك ضمانة إضافيّة.
(فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُم بَعْضًا): فإذا كنّا بطريق سفر يقول له: يا أخي، لا أريد رِهاناً ولا أيّ شيء، لكن ربطه بتقوى الله لماذا؟ لأنّه: (فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ أَمَانَتَهُ وَلْيَتَّقِ اللَّهَ رَبَّهُ) إذاً كلّ الأمر مربوط بتقوى الله.
(وَلَا تَكْتُمُوا الشَّهَادَةَ): يأتي الآن بعد الكاتب بالعدل وبعد الدّائن والمدين والعلاقات.. إلى الشّاهد، فإنّ عليه إثم إذا كتم الشّهادة؛ لأنّه حين كتم الحقّ، ومن خلال كتمانه جعل الباطل يكسب على حساب الحقّ؛ فلذلك نهى المولى عن الكتمان. وهنا سؤال: لماذا قال: (وَمَن يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ) مع أنّ الشّهادة باللّسان وليست بالقلب؟ لأنّ القلب كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ألا وإنّ في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كلّه، وإذا فسدت فسد الجسد كلّه، ألا وهي القلب»([1])، إذاً فهو آثم قلبه؛ لأنّ القلب مصدر كلّ النّوازع النّفسيّة والإنسانيّة.