﴿وَإِذَا نَادَيْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ﴾: النّداء: هو الدّعوة بجهر, فالأذان هو سنّة عن النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم لكنّه ورد في القرآن الكريم أيضاً؛ لأنّ النّداء للصّلاة هو دعوةٌ بجهرٍ.
﴿اتَّخَذُوهَا هُزُوًا وَلَعِبًا﴾: يقولون: ما هذه الأصوات؟ رغم أنّ الأذان عندما يصدح فهو يشرح قلب المؤمن وغير المؤمن، طبعاً لا بدّ أن يكون الصّوت نديّاً وجميلاً حتّى لا تنعكس الصّورة، فالنّبيّ صلّى الله عليه وسلّم عند الرؤيا المتعلّقة بالأذان قال لعبد الله بن زيد رضي الله عنه: «إنّها لرؤيا حقّ إن شاء الله، فقم مع بلال فألقِ عليه ما رأيت فليؤذّن به فإنّه أندى صوتاً منك»([1]), وعلّل ذلك بأنّه أندى صوتاً, ولذلك ندعو ونعمل على تحسين أداء المؤذّنين في كلّ مكان من أجل أن تكون الأصوات تناسب الكلام الذي ينطلق من حنجرة المؤذّنين الّذين قال عنهم النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: «المؤذّنون أطول النّاس أعناقاً يوم القيامة»([2])؛ لأنّ هذا الكلام هو كلامٌ عظيمٌ، هو (الله أكبر) من كلّ همومك ومتاعبك وانشغالاتك في هذه الدّنيا، فإن كنت في همٍّ فالله أكبر منه، وإن كنت في عملٍ فالله أكبر منه, إذاً يجب أن يكون محصّناً بالصّوت الجميل والنّديّ، وأن لا يكون سبباً لإيذاء الأذان.
﴿ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَّا يَعْقِلُونَ﴾: كلمة العقل جاءت من: عقل النّاقة، وهو ربط قدمها بحبلٍ لكبح جماحها، وبعض النّاس أراد أن يطلق حريّة الفكر كما شاء من دون ضوابط حسب الأهواء وهذا يتنافى مع العقل, فالعقل يمنع الفكر أن يكون مبرّراً للهوى الّذي هو انحيازٌ عن الطّريق السّليم، والعقل يرشدك ألّا تؤذي جيرانك أو تسرق من مال الغير أو تقتل أو تعتدي، لذلك فالمولى سبحانه وتعالى خاطبهم بموضوع العقل؛ لأنّهم قومٌ لا يعقلون أي أنّ عقلهم لا يمنع أهواءهم، فالعقل يجعل الإنسان لا يرتكب السّيّئة؛ لأنّه يفكّر بعقوبتها وبالجزاء الحسن، والإنسان العاقل لا يعبد هواه بدلاً من الله تبارك وتعالى.