(فَلَا تَعْضُلُوهُنَّ): العضل: المنع، أي لا تمنعوهنّ، وهذا ما يحصل أحياناً ما بين أسرة الزّوج وأسرة الزّوجة بعد الطّلاق، وحديثنا الآن عن الطّلاق مرّتان، ليس عن الطلاق ثلاثة، لنفترض أنّهما يريدان أن يتراجعا إلى بعضهما، بالطّريقة الرّجعيّة ضمن العدّة، أو بعد أن تنقضي العدّة بمهر وعقد جديد، أو نتيجة طلقتين فإذاً هنا يقول الله سبحانه وتعالى لهم: لا تمنعوهما من أن يعودا إلى بعضهما؛ لأنّهما قد يرغبان بذلك، وقد يقف أهله أو أهلها دون عودتهما لبعضهما بزيادة البعد والخلاف والشّجار.
(إِذَا تَرَاضَوْا بَيْنَهُم بِالْمَعْرُوفِ): الله سبحانه وتعالى يقول: (ذَٰلِكَ يُوعَظُ بِهِ مَن كَانَ مِنكُمْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ)
يأتي بعنصرين من عناصر الإيمان، ومعظم الآيات يقترن فيها الإيمان بالله بالإيمان باليوم الآخر، الإيمان بالله هو القمّة، الإيمان باليوم الآخر هو أن تستشعر الحساب؛ لأنّ الإنسان من دون أن يشعر أنّ هناك حساباً وعقاباً لا يرتدع عن ظلمه، بعض النّاس يصوّر الدّين على أنّه رحمة مطلقة للمؤمن والكافر والطّائع والعاصي، وأنّه لا يوجد جنّة أو نار، أو كلّ النّاس ستدخل الجنّة ولا يوجد عذاب!! هذا كلام لا يستند إلى دليل، ومخالف لصريح القرآن الكريم، لماذا؟ لأنّ الله سبحانه وتعالى دائماً عندما يرّغب يرهّب: (نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ * وَأَنَّ عَذَابِي هُوَ الْعَذَابُ الْأَلِيمُ) [الحجر]، إذاً دائماً يقول: الإيمان بالله والإيمان باليوم الآخر، كما في هذه الآية الكريمة: (ذَٰلِكَم يُوعَظُ بِهِ مَن كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ) [الطّلاق: من الآية 2]؛ لأنّه في اليوم الآخر تكشف الصّحائف ويحاسب الإنسان، ومصير المحسن إلى الجنّة ومصير المسيء إلى النّار، فإذاً يجب دائماً أن تضع هذا المعيار نصب عينيك.