الآية رقم (83) - وَإِذَا جَاءهُمْ أَمْرٌ مِّنَ الأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُواْ بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُوْلِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلاَ فَضْلُ اللّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لاَتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلاَّ قَلِيلاً

هناك فئةٌ من المنافقين الّذين إن جاءهم أمرٌ يتعلّق بالأمن والانتصار أو جاءهم الخوف من شيءٍ أخبروا عنه وأشاعوه.

﴿وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُوْلِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُمْ

الاستنباط: من نبط، ومعناها في اللّغة العربيّة ظهور الشّيء بعد خفائه، وما يتعلّق بكتاب الله سبحانه وتعالى وردّ الأمور إلى رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم، وجاء في آيةٍ سابقةٍ قوله سبحانه وتعالى: ﴿مَّنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللّهَ وَمَن تَوَلَّى فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا﴾، هنا نواجه قضيّةً مهمّةً وخطرةً جدّاً في العالم العربيّ والإسلاميّ، وهي تصدّي الجهلة لتفسير آيات القرآن الكريم وتحريفه، والقرآن الكريم لا يُحرّف بكلامه ولا بسطوره؛ لأنّ الله سبحانه وتعالى قد ضمن حفظه عندما قال: ﴿إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ﴾ [الحجر]، القرآن الكريم محفوظٌ من التّحريف، لكنَّ هناك من يحرّف معانيه في فهمٍ سقيمٍ أو بمحاولاتٍ مريضةٍ منذ عصر الخوارج الأوائل الّذين أخذوا وأسقطوا ووضعوا أحكاماً ما أرادها الله سبحانه وتعالى وفسّروا القرآن الكريم على حسب أهوائهم، منذ ذلك الوقت إلى يومنا هذا، ونحن نرى محاولاتٍ متكرّرةً متعدّدةً لتحريف معاني القرآن الكريم وتسطيح العقل البشريّ في فهم آياتهِ والتّعامل معه، ولو ردّوه إلى الرّسول أي إلى فعله صلَّى الله عليه وسلَّم، وإلى ما أمر به وما نهى عنه، وإلى فعل صحابته لكان الأمر مختلفاً تماماً عن الانحرافات الّتي تمّت عبر الزّمان منذ الخوارج وحتّى الآن، كالحركات التّكفيريّة والإرهابيّة الّتي جاءت بتفسيرٍ مبتورٍ ومريضٍ للقرآن الكريم، وصولاً إلى من يحاول أن يطوّر الفكر الدّينيّ ويُخرج القرآن الكريم عن سياقه، وقد حدّد القرآن الكريم هذه الأمور بشكلٍ واضحٍ، وهي طاعة الرّسول صلَّى الله عليه وسلَّم والاستنباط من أولي الأمر، وإخراج المعاني الصّحيحة

وَإِذا جاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ: فعل ماض ومفعوله وفاعله والجار والمجرور متعلقان بمحذوف صفة لأمر وإذا ظرف لما يستقبل من الزمن والجملة في محل جر بالإضافة

أَوِ الْخَوْفِ: عطف على الأمن

أَذاعُوا بِهِ: فعل ماض والواو فاعله وقد تعلق به الجار والمجرور والجملة لا محل لها جواب شرط غير جازم

وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ: الواو عاطفة لو شرطية ردوه فعل ماض تعلق به الجار والمجرور والواو فاعله والهاء مفعوله والجملة معطوفة على وإذا جاءهم

وَإِلى أُولِي الْأَمْرِ: عطف على إلى الرسول وأولي مجرور بالياء لأنه ملحق بجمع المذكر السالم. الأمر مضاف إليه

مِنْهُمْ: متعلقان بمحذوف حال من أولي الأمر

لَعَلِمَهُ الَّذِينَ: فعل ماض ومفعوله واسم الموصول فاعل والجملة جواب لولا محل لها.

يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ: فعل مضارع وفاعل ومفعول به والجار والمجرور متعلقان بمحذوف حال من الفاعل والجملة صلة الموصول

وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ: الواو استئنافية لولا حرف شرط غير جازم فضل مبتدأ تعلق به الجار والمجرور ولفظ الجلالة مضاف إليه والخبر محذوف تقديره: منزل عليكم

وَرَحْمَتُهُ: عطف على فضل

لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطانَ: فعل ماض وفاعله ومفعوله والجملة جواب لولا لا محل لها

إِلَّا: أداة استثناء

قَلِيلًا: مستثنى منصوب.

وَإِذا جاءَهُمْ أَمْرٌ: عن سرايا النبي صلّى الله عليه وسلّم بما حصل لهم.

مِنَ الْأَمْنِ: النصر.

أَوِ الْخَوْفِ: بالهزيمة.

أَذاعُوا بِهِ: أفشوه وأشاعوه بين الناس.

وَلَوْ رَدُّوهُ: أي أرجعوا الخبر.

أُولِي الْأَمْرِ: أي ذوي الرأي من أكابر الصحابة، أي لو سكتوا عنه حتى يخبروا به.

لَعَلِمَهُ: لعرفوا: هل هو مما ينبغي أن يذاع أو لا؟

يَسْتَنْبِطُونَهُ: استنبط الماء: استخرجه من البئر، والمراد هنا: ما يستخرجه الرجل العالم بفضل عقله وعلمه من الأفكار والأحكام وحلول القضايا. وهم المذيعون منهم من الرسول وأولي الأمر.

وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ: بالإسلام.

وَرَحْمَتُهُ: لكم بالقرآن.

لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطانَ: فيما يأمركم به من الفواحش.