﴿وَأَنذِرْ بِهِ﴾: أي أنذر بالقرآن، وهنا يجب أن نتوقّف عند كلمة أنذر به، فالنّبيّ صلَّى الله عليه وسلَّم لم يُنذر بالسّيف، ولم ينذر بالقتل، ولم ينذر بالإكراه؛ لأنّ الدّين هو دين اختيارٍ لا إكراهٍ، يقول سبحانه وتعالى: ﴿لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ﴾ [البقرة: من الآية 256]، ويقول جلّ وعلا: ﴿فَمَن شَاء فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاء فَلْيَكْفُرْ﴾ [الكهف: من الآية 29]، الله سبحانه وتعالى ترك لنا الخيار، ولو أراد قوالباً لأتى بالقوالب طائعين خاضعين، لكنّه أراد القلوب ولم يرد القوالب، قال سبحانه وتعالى: ﴿وَلَوْ شَاء رَبُّكَ لآمَنَ مَن فِي الأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا أَفَأَنتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُواْ مُؤْمِنِينَ﴾ [يونس]، فالإيمان لا يكون بالإجبار على الإطلاق، والإنذار يكون بالقرآن الكريم، بالحوار، والمناقشة الموجودة فيه، وبالدّلائل والآيات والبيّنات الّتي وردت في القرآن الكريم.
﴿الَّذِينَ يَخَافُونَ أَن يُحْشَرُواْ إِلَى رَبِّهِمْ لَيْسَ لَهُم مِّن دُونِهِ وَلِيٌّ وَلاَ شَفِيعٌ لَّعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ﴾: هؤلاء يخافون أن يحشروا يوم القيامة ليس لهم وليٌّ ولا شفيعٌ إلّا الله سبحانه وتعالى، فبذلك هم يتّقون، والتّقوى: هي الخوف من الجليل، والعمل بالتّنزيل، والرّضا بالقليل، والاستعداد ليوم الرّحيل.