هذه الآية الكريمة تتحدّث عن الإعداد للقوّة لمواجهة الاعتداءات والعدوان.
(وَأَعِدُّوا لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم): المطلوب الإعداد على قدر الطّاقة لكلّ إنسانٍ، فالمطلوب أن تعدّ على قدر استطاعتك، وبعد ذلك يكون المدد ممّن له القوّة والنّصر،(وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِندِ اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ) [الأنفال: من الآية 10]، لكنّك في دنيا الأسباب فعليك أن تأخذ بالأسباب أوّلاً ولا بدّ من إعداد القوّة.
(مِّن قُوَّةٍ): المطلوب إعداد ما استطعتم ليس من القوّة، فلو قال: من القوّة، لاختلف المعنى لكنّه قال سبحانه وتعالى: ( مِّن قُوَّةٍ )، عندما نكّرها فإذاً أنواع القوى كلّها؛ الاقتصاديّة والإعلاميّة والاجتماعيّة والعسكريّة.
(وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ): عن عقبة بن عامر قال: سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: وهو على المنبر يقول: «وأعدّوا لهم ما استطعتم من قوّة، ألا إنّ القوّة الرّمي، ألا إنّ القوّة الرّمي، ألا إنّ القوّة الرّمي»([1])، انظر إلى الإعجاز القرآنيّ فلو نظرنا إلى مسيرة الحياة البشريّة لوجدنا أنّ المعارك منذ القديم حتّى الآن تبدأ بالرّمي؛ أي من مكانٍ بعيدٍ، ففي عهد النّبيّ : كانت بالأسهم والرّماح وغيرهما، والآن أصبحت بالمدفعيّة والصّواريخ. فالقوّة الأساسيّة هي الرّمي، وبعد ذلك رباط الخيل؛ أي المدرّعات؛ لأنّ المدرّعة والسّيّارات تُقاس على الأحصنة. فإعجاز ترتيب المعارك الّذي بيّنه القرآن الكريم ما زال حتّى الآن، أوّلاً الرّمي ثمّ رباط الخيل الّتي تسير على الأرض.