(وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ): يكرّر الله سبحانه وتعالى هذا الأمر في كثيرٍ من الآيات والمواقف، وهو طاعة الله سبحانه وتعالى في كلّ ما أمر، وطاعة الرّسول الكريم: في كلّ ما بيّن ووضّح وجاء به من أوامر تفصيليّة، وطاعة الرّسول صلّى الله عليه وسلّم: هي من باطن طاعة الله سبحانه وتعالى.
(وَلَا تَنَازَعُوا): هنا أمرٌ مهمٌّ جدّاً لبيان موضوع قوّة الإيمان وقوّة المؤمنين، فالإسلام دائماً يدعو إلى وحدة الصّفّ، وإلى عدم وجود المشاحنات والتّنازع؛ لأنّها تهدر طاقات الأمّة، قال سبحانه وتعالى: (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا ۚ) [آل عمران: من الآية 103]، وانعدام الخلافات والنّزاعات والمشاحنات أساسٌ لتحقيق الانتصار، فالانتصار لا يتحقّق إلّا إذا كان النّاس على قلب رجلٍ واحدٍ وبرأيٍ واحدٍ وهدفٍ واحدٍ، فهذه عدّة الانتصار، فإن تنازعوا فشلوا وهزموا.
(وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ ۖ): أي قوّتكم، فالرّيح تعبيرٌ عن القوّة، وأيضاً تُطلق الرّيح على الرّائحة، فلكلّ إنسان رائحةٌ خاصّةٌ به، وهناك كلابٌ مدرّبةٌ تميّز كلّ إنسانٍ عن الآخر من خلال رائحته الخاصّة، وقد مكّن الله تعالى يعقوب عليه السّلام من أن يشمّ رائحة يوسف عليه السّلام على بُعد المسافات: (وَلَمَّا فَصَلَتِ الْعِيرُ قَالَ أَبُوهُمْ إِنِّي لَأَجِدُ رِيحَ يُوسُفَ ۖ لَوْلَا أَن تُفَنِّدُونِ) [يوسف].
وقد يكون معنى: (وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ ۖ ) أي: يذهب أثركم وقوّتكم بسبب التّنازع والخلافات.