(نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَّكُمْ): الحرث مكان الإنبات، والمرأة ليست للمتعة، وليست للزّينة، المرأة لأعظم من ذلك، هي لإنتاج الإنسان، فهي مصنع الأبطال، مصنع الرّجال، مصنع المجتمع الحقيقيّ.
إذاً فالعلاقة الخاصّة بين الزّوجين: (فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّىٰ شِئْتُمْ) والحرث: مكان الإنبات، والمكان الّذي يخرج منه الولد، وهذه الأحكام واضحة لا تحتاج إلى كثرة إيضاح، دين طهارة ونظافة، دين تكريم، دين يرفع مستوى المرأة والرّجل، ويُبعد الإنسان عن الشّهوانيّة الحيوانيّة ويضبط شهواته، لم تأت الأديان لإطلاق شهوات النّاس، وإنّما جاءت لضبط الشّهوات، فعند الإنسان شهوة جنسيّة فلا يمكن أن يكون مصرف هذه الشّهوة إلّا بالحلال، وبالحلال المقنّن وفق شرع الله سبحانه وتعالى الّذي يحبّ المتطهّرين، ويحبّ الطّهارة، ويحبّ النّظافة، ويحبّ أن يكون الرّجل مع زوجته في غاية التّكريم لهذه المرأة، لذلك قال: (وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُم مُّلَاقُوهُ ۗ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ): ثلاثة أمور: اتّقوا الله أي اجعلوا بينكم وبين غضبه حاجزاً، واعلموا أنّكم ملاقوه: أيقنوا بأنّكم ستلاقون ربّكم وأنّكم أمام الموت، والموت ملاقيكم أينما كنتم: (أَيْنَمَا تَكُونُوا يُدْرِككُّمُ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنتُمْ فِي بُرُوجٍ مُّشَيَّدَةٍ) [النّساء: من الآية 78]، ومهما بلغ الإنسان من العمر فالعمر قصير، يا من يومه يهدم شهره، وشهره يهدم سنته، وسنته تهدم عمره، كيف يفرح بالدّنيا من تقوده حياته إلى موته، ويقوده عمره إلى أجله:
ولدتكَ أمّكَ يا ابنَ آدمَ باكياً |
والنّاسُ حولك يضحكونَ سروراً |
ولا تكون ضاحكاً مسروراً إلّا إذا كنت تعلم بأنّك ملاقيه.
(وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ): في نهاية هذه الآيات البشارة للمؤمنين المتّقين الّذين يلتزمون بالأوامر لإلهيّة.