﴿مِّنَ الَّذِينَ هَادُواْ﴾: هادوا أي اليهود.
﴿يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِ﴾: الكلام الّذي كان النّبيّ صلَّى الله عليه وسلَّم يقوله، أو الّذي ورد في التّوراة يحرّفون معناه، أو يأتون بكلامٍ ملتبسٍ يحتمل أكثرَ من معنى، فالإنسان الّذي يستخدم دائماً كلماتٍ ملتبسة يصبح أمامه مجالٌ ليقول: أقصد هذا ولا أقصد هذا.
﴿وَيَقُولُونَ سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا﴾: انظروا لدقّة القرآن الكريم، هل هم قالوا: سمعنا وعصينا؟ لا، قالوا: سمعنا، لكن في قلوبهم قالوا: عصينا، والقائل هنا هو الله سبحانه وتعالى، هذه الآية معجزةٌ! لماذا؟ لأنّه لو كان الّذي يكتب القرآن بشراً فلن يستطيعَ أن يأتي إلّا بالقول الظّاهر المسموع، أمّا القول الباطن فلا يستطيع أحدٌ أن يأتي به إلّا عالم السرّ والخفايا. فقد أخذوا الكلام الّذي يقوله النّبيّ صلَّى الله عليه وسلَّم وقالوا أمامه: سمعنا، ولكن في قلوبهم قالوا: عصينا، فقال الله تبارك وتعالى: ﴿وَيَقُولُونَ سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا﴾؛ لأنّه عزَّ وجل يعلم ما في القلب، ولا يمكن لأحدٍ غيره قول هذا.