القرض: هو القطع بالنّاب لشيء شديد، (مَّن ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ) فهل تتوقّع وأنت تتعامل بأنّك عندما تعطي الفقير، أو تعطي المحتاج، أو تقرض إنساناً محتاجاً بدون ربا، بأنّك أقرضت الله؛ لأنّ الله هو الّذي استدعاه إلى الحياة؛ ولأنّ الله هو الّذي أعطاك في هذه الحياة، وعلى من أعطاه الله ووسّع عليه في هذه الحياة أن يُعطي من استدعاه الله لهذه الحياة، فهو يكون قد أقرض الله ولم يقرض الإنسان، فأيّ عطاء للمحسن والمنفق على الفقراء والمحتاجين والمساكين والأيتام أكبر من أنّه يتعامل مع الله؟!
(قَرْضًا حَسَنًا): لماذا قال: حسناً؟ وقد كان ممكن أن تكون الآية حسب عقلنا (من ذا الّذي يقرض الله قرضاً فيضاعفه..)، لكنّه قال: (حَسَنًا)؛ لأنّك عندما تتعامل مع الله فلا تأتي بمال حرّمه الله، وبعد أن تلعب القمار أو تسرق أو ترتشي تقول: أنا أقرض الله، أنت لا تقرض الله فهذا القرض ليس قرضاً حسناً، القرض الحسن يجب أن يكون من مال حلال، قال صلَّى الله عليه وسلَّم: «إنّ الله طيّب لا يقبل إلّا طيّباً، وإنّ الله تعالى أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين، فقال عزَّ وجلّ: (يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا ۖ إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ) [المؤمنون]»([1]).
(فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافًا كَثِيرَةً): لم يحدّد كم سيضاعفه، (مَّثَلُ الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنبُلَةٍ مِّائَةُ حَبَّةٍ ۗ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَن يَشَاءُ ۗ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ) [البقرة]، إذاً أنت تتعامل مع الغنيّ، تتعامل مع مَن خزائنه لا تنفد.
(وَاللَّهُ يَقْبِضُ وَيَبْسُطُ): فإذاً أقرضْ؛ لأنّك ستجد النّتيجة أضعافاً مضاعفة؛ لأنّه هو الّذي يقبض ويبسط عنك الرّزق والمال وكلّ شيء.
(وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ): ذكّرك بموضوع الموت أنّك ستُرجع إليه، وأنّ هذا القرض سيكون أمامك، إن لم تره في الدّنيا فستراه في الآخرة.