الآية رقم (98) - مَن كَانَ عَدُوًّا لِّلّهِ وَمَلآئِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكَالَ فَإِنَّ اللّهَ عَدُوٌّ لِّلْكَافِرِينَ

المقصود بهذه الآية هم شعب بني إسرائيل، والله سبحانه وتعالى بعلمه الكاشف يعلم بأنّ اليهود هم أسّ الشّر ومنبته في العالم، وستعاني منهم هذه الأمّة ما تعانيه، وأكبر دليلٍ على هذا ما عاناه العرب منهم في الماضي والحاضر، ومن مؤامراتهم الّتي لم تَفترْ ساعة واحدة، حتّى ما نراه اليوم في بلدنا من تخريب ودمار هو من مكرهم وكيدهم. وحين دخل رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم المدينة المنوّرة كانت له جولة مع المشركين وجولات مع اليهود، ولذلك باؤوا بغضب على غضب: غضب؛ لأنّهم ردّوا ما جاء به محمّد صلَّى الله عليه وسلَّم ويشتركون فيه مع المشركين، وغضب يختصّون به؛ لأنّهم أُمروا باتّباعه كما ورد في توراتهم. وكلّ ما عانى منه رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم من فتن ومكائد في داخل المجتمع الإسلاميّ كان بسببهم، ولا يخفى على أحد ما كان منهم في غزوة الأحزاب من كيد وخيانة.

وفي هذه الآية ذكر الله عزَّوجل من الملائكة جبريل وميكال، وجبريل هو الّذي يأتي بالرّسالات والأوامر الإلهيّة، وميكال هو الموكل بالأرزاق ينزل بالخصب والمطر. وقد قالوا: إنّ عدوّنا من الملائكة جبريل، فنحن لا نحبّه ولكن نحبّ ميكال، وقد قاسوا العداوة على مقاييس البشر بسبب مادّيّتهم، كحالنا حين نقول: نحبّ فلاناً من النّاس ونكره فلاناً، ولا يصحّ هذا القياس؛ لأنّ الملائكة وحدة إيمانيّة متكاملة. وفي هذه الآية يجيبهم الله سبحانه وتعالى، ولم يقل: فإنّ رسله وملائكته وجبريل وميكال أعداء للمشركين، واكتفى بقوله: فَإِنَّ اللَّهَ عَدُوٌّ لِّلْكَافِرِينَ؛ لأنّ الرّسل والملائكة وجبريل وميكال يستمدّون قيمتهم من الله سبحانه وتعالى، فمن عادى هؤلاء فكأنّما عادى الله عزَّوجل، وهو القاهر القويّ والقادر، وبيده مقادير كلّ شيء.

مَنْ: اسم شرط جازم مبتدأ.

كانَ: فعل ماض ناقص واسمها ضمير مستتر وهي فعل الشرط.

عَدُوًّا: خبرها.

لِلَّهِ: لفظ الجلالة مجرور باللام ومتعلقان بمحذوف صفة عدو.

وَمَلائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكالَ: أسماء معطوفة على لفظ الجلالة الله مجرورة مثله وجرت جبريل وميكال بالفتحة نيابة عن

الكسرة لأنها أسماء علم أعجمية ينظر الآية السابقة.

فَإِنَّ: الفاء واقعة في جواب الشرط وقيل جواب الشرط محذوف والعطف على ذلك الجواب المحذوف.

فَإِنَّ اللَّهَ عَدُوٌّ: إن ولفظ الجلالة اسمها وعدو خبرها.

لِلْكافِرِينَ: متعلقان بمحذوف صفة عدو والجملة في محل جزم جواب الشرط أو معطوفة عليه

الْعَدُوُّ: ضد الصديق، يستوي فيه المذكر والمؤنث، والواحد والمثنى والجمع.

وَهُدىً من الضلالة وَبُشْرى بالجنة

فَإِنَّ اللَّهَ عَدُوٌّ لِلْكافِرِينَ: الجملة اسمية لزيادة التقبيح، لأنها تفيد الثبات.

وأقام الظاهر مقام المضمر لبيان صفة الكفر وهو عداوتهم للملائكة