والله سبحانه وتعالى مالك يوم الدّين، والإيمان بالآخرة من أحد الأسباب الهامّة جدّاً لتوازن الحياة، وإلّا لعاشت البشريّة في فوضى الغابات يأكل القويّ الضّعيف، وحتّى مع إيماننا بالآخرة نجد أحياناً أنّ القويّ يسطو على الضّعيف، والغنيّ يأكل الفقير، والمحتكر يستأثر بالخير لنفسه، وهناك من يحرم الأنثى من الميراث… فلو لم يكن هناك يوم الدّين ومالك ليوم الدّين لحدثت الكوارث. فالحمد لله سبحانه وتعالى بأنّه مالك يوم الدّين، وبأنّه جعل يوم الحساب؛ لأنّ الحساب في الدّنيا قد لا يكون كاملاً ويبقى في الدّنيا ظلم وحرمان من الحقوق، وفي يقين المؤمن أنّ الله سبحانه وتعالى هو مالك يوم الدّين، وهو الرّحمن الرّحيم الّذي لا يظلم عنده أحد.
وهناك قراءات أخرى تقرأ: ﴿مَلِكِ يَوْمِ الدِّينِ﴾ -بدون ألف([1])– والمالك هو من يملك الشّيء، والملك هو الّذي يملك المالك وما يملك، فمثلاً أنا أملك وأنت تملك وعلى رأسنا كلّنا ملك. وبما أنّ القرآن الكريم من الله سبحانه وتعالى فمن الطّبيعيّ أن يكون الله سبحانه وتعالى هو المالك الوحيد ليوم الحساب، وهو الّذي يحاسب، وهو الملك الّذي يملك كلّ موجود في هذا الكون.. فالقراءتان صحيحتان متواترتان. وعندنا في بلاد الشّام كانوا يقرؤون: (مَلِكِ يَومِ الدِّينِ)، ويروى أنّ عالماً من أهل الشّام كان يقرأ: (مَلِكِ يَومِ الدِّينِ) فرأى في نومه رجلاً يقول له: لماذا تقرأ ملك يوم الدّين؟ ألم تعلم أنّ من قرأ حرفاً من كتاب الله كُتبت له عشر حسنات؟ وجاء في الحديث: «لا أقول ﴿الم﴾ حرفٌ، ولكن ألفٌ حرفٌ ولامٌ حرفٌ وميمٌ حرفٌ»([2])، فإذا قلت: (مالك) كسبت عشر حسنات. فصار بعدها يقرأ: ﴿مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ﴾ بالألف.
([1]) هي قراءة نافع بن أبي نعيم وعبد الله بن كثير وأبي عمرو البصريّ وعبد الله بن عامر الشّاميّ وحمزة بن حبيب وأبي جعفر.
وقرأ ﴿مالك يومِ الدِّين﴾بالألف عاصم بن أبي النّجود وعليّ بن حمزة الكسائيّ ويعقوب الحضرميّ وخلف بن هشام.
([2]) سنن التّرمذيّ: فضائل القرآن، باب ما جاء فيمن قرأ حرفاً من القرآن ما له من الأجر، (2910).