وهذا مثل من أمثال القرآن الكريم، والله عزَّوجل يقول: ﴿وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ﴾ [الحشر: من الآية 21]، ﴿وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ ۖ وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ﴾ [العنكبوت]، وقال تبارك وتعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَحْيِي أَن يَضْرِبَ مَثَلًا مَّا بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا﴾ [البقرة: من الآية 26]، وقال: ﴿مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ﴾ [النّور: من الآية 35].
ويضرب الله المثل ليقرّب إلى أذهاننا أموراً غير محسوسة، فيشبّهها بأمور محسوسة كي نفهمها، وفي هذه الآيات جاء الحديث عن النّفاق وهو شيء غير محسوس فضرب الله له مثلاً محسوساً. وقد ضرب الله الأمثال المحسوسة لنور الله سبحانه وتعالى، أو للإيمان بالله، أو وحدانيّة الله، ولم يضرب مثلاً لذاته العليّة سبحانه وتعالى؛ لأنّه: ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ ۖ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ﴾ [الشّورى: من الآية 11]، ﴿فَلَا تَضْرِبُوا لِلَّهِ الْأَمْثَالَ﴾ [النّحل: من الآية 74]؛ لأنّك لا تستطيع أن تقيس صفات الله سبحانه وتعالى وأفعاله على قياس العقل البشريّ.
والأمثال هي قياس، والإسلام هو أوّل من علّم النّاس القياس، وهي قضيّة علميّة.