الآية رقم (284) - لِّلَّهِ ما فِي السَّمَاواتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَإِن تُبْدُواْ مَا فِي أَنفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُم بِهِ اللّهُ فَيَغْفِرُ لِمَن يَشَاء وَيُعَذِّبُ مَن يَشَاء وَاللّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ

(لِّلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ): إذاً حصر الله سبحانه وتعالى ملك الكون والتّصرّف فيه له، عندما قدّم (لِّلَّهِ) فكلّ ما سيأتي بعدها فهو ملك لله، فكلّ ما في السّماوات وما في الأرض ملك له جلّ وعلا، وإن اعتقد بعض النّاس في الأرض أنّ لهم ملكيّة، لكن هذه الملكيّة زائلة؛ لأنّه في عالم أغيار، فأنت تملك قصراً لكن إمّا إنّك ستغادر القصر إلى القبر وإمّا أن يغادرك القصر بالفقر، أليس كذلك؟ فإذاً (لِّلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ) لا يوجد أحد معه حصر بالملكيّة إلّا الله سبحانه وتعالى.

(وَإِن تُبْدُوا مَا فِي أَنفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُم بِهِ اللَّهُ): بكى سيّدنا عبد الله بن عمر رضي الله عنهما وبكى وبكى على هذه الآية، إن نُبدي ما في أنفسنا أو نخفيه يحاسبنا به المولى سبحانه وتعالى؟! فجاءت الآيات (لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا) [البقرة: من الآية 286]، فإذاً إلى ماذا يُشير قوله: (إِن تُبْدُوا مَا فِي أَنفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ)؟ لأنّ هناك مواجيد قبل الأفعال، إمّا أن يهمّ الإنسان بالخير أو أن يهمّ بالشّرّ.. والإنسان إن فعل سيّئة كما قال النّبيّ صلَّى الله عليه وسلم: «من همّ بحسنة فلم يعملها كتبت له حسنة، ومن همّ بحسنة فعملها كتبت له عشراً إلى سبع مئة ضعف، ومن همّ بسيئة فلم يعملها لم تكتب، وإن عملها كتبت»([1])، لكن بناء على هذه الآيات فهي:

لِلَّهِ: لفظ الجلالة مجرور باللام ومتعلقان بمحذوف خبر مقدم

ما: اسم موصول مبتدأ

فِي السَّماواتِ: متعلقان بمحذوف صلة الموصول والجملة استئنافية

وَما فِي الْأَرْضِ: عطف على ما في السموات.

وَإِنْ: الواو استئنافية إن شرطية

تُبْدُوا: فعل مضارع مجزوم والواو فاعل وهو فعل الشرط

ما: اسم موصول مفعول به

فِي أَنْفُسِكُمْ: متعلقان بمحذوف صلة الموصول

أَوْ تُخْفُوهُ: عطف على «تُبْدُوا»

يُحاسِبْكُمْ: جواب الشرط مجزوم

بِهِ: متعلقان بيحاسبكم

اللَّهُ: لفظ الجلالة فاعل.

فَيَغْفِرُ: الفاء استئنافية. «يغفر» فعل مضارع مرفوع والجملة خبر لمبتدأ محذوف تقديره: هو يغفر

لِمَنْ: متعلقان بيغفر

جملة «يَشاءُ … » صلة الموصول لا محل لها.

«وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشاءُ»: عطف على يغفر لمن يشاء

وَاللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ: لفظ الجلالة مبتدأ وقدير خبره والجار والمجرور متعلقان بالخبر، وشيء مضاف إليه والجملة مستأنفة

تُبْدُوا: تظهروا ما في أنفسكم من السوء والعزم عليه

أَوْ تُخْفُوهُ: تسرّوه

يُحاسِبْكُمْ: يخبركم به الله يوم القيامة

فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشاءُ: يستر من أراد المغفرة له

وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشاءُ: يعاقب من أراد تعذيبه

وَاللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ: عظيم القدرة على أي شيء، ومنه محاسبتكم وجزاؤكم

قال أبو حيان: لما ذكر المغفرة والتعذيب لمن يشاء، عقب ذلك بذكر القدرة إذ ما ذكر جزء من متعلّقات القدرة.