﴿لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ﴾: كلمة ﴿الْحُسْنَى﴾ من أفعال التّفضيل، والمقصود بها الجنّة، وهنا يقول عز وجل: ﴿ وَزِيَادَةٌ ﴾ فما هذه الزّيادة؟ هي عطاءٌ زائدٌ في الحسنات، وهو النّظر إلى وجه الله سبحانه وتعالى، وقد قال رسول الله ﷺ في ذلك: «إذا دخل أهلُ الجنّةِ الجنّةَ يقول الله تبارك وتعالى: تُريدون شيئاً أزيدكم؟ فيقولون: ألم تبيّض وجوهنا؟ ألم تدخلنا الجنّة وتنجِّنا من النّار؟، قال: فيكشف الحجاب، فما أعطوا شيئاً أحبَّ إليهم من النّظر إلى ربّهم جل جلاله»([1]).
﴿ وَلَا يَرْهَقُ ﴾: أي يغطّي.
﴿ قَتَرٌ ﴾: الغبار، مأخوذة من القتار: وهو دخانٌ ذو رائحةٍ ينبعث من اللّحم المشويّ، وقد تكون الرّائحة أخّاذةً، لكن من يُوضَع على وجهه هذا القتار يجعل له طبقةً سوداء.
﴿ وَلَا يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ وَلَا ذِلَّةٌ ﴾؛ لأنّهم اتّقوا الله سبحانه وتعالى، وأحبّوا منهجه، قال سبحانه وتعالى: ﴿ يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ ﴾ ]آل عمران: من الآية 106[، فليس المقصود هو لون الوجه في الدّنيا؛ لأنّك قد تجد إنساناً أسود اللّون لكنّه بالإيمان قد أشرق وجهه وأحاطت ملامحه هالةٌ من البهاء، وهناك من هو أبيض الوجه، ولكنّه من فرط معصية الله جل جلاله صار هذا الوجه بلا نورٍ.
([1]) صحيح مُسلم: كتاب الإيمان، باب إثبات رؤية المؤمنين في الآخرة ربّهم I، الحديث رقم (181).