الآية رقم (26) - لِّلَّذِينَ أَحْسَنُواْ الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ وَلاَ يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ وَلاَ ذِلَّةٌ أُوْلَـئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ

﴿لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ﴾: كلمة ﴿الْحُسْنَى﴾ من أفعال التّفضيل، والمقصود بها الجنّة، وهنا يقول عز وجل: ﴿ وَزِيَادَةٌ ﴾  فما هذه الزّيادة؟ هي عطاءٌ زائدٌ في الحسنات، وهو النّظر إلى وجه الله سبحانه وتعالى، وقد قال رسول الله ﷺ في ذلك: «إذا دخل أهلُ الجنّةِ الجنّةَ يقول الله تبارك وتعالى: تُريدون شيئاً أزيدكم؟ فيقولون: ألم تبيّض وجوهنا؟ ألم تدخلنا الجنّة وتنجِّنا من النّار؟، قال: فيكشف الحجاب، فما أعطوا شيئاً أحبَّ إليهم من النّظر إلى ربّهم جل جلاله»([1]).

﴿ وَلَا يَرْهَقُ ﴾: أي يغطّي.

﴿ قَتَرٌ ﴾: الغبار، مأخوذة من القتار: وهو دخانٌ ذو رائحةٍ ينبعث من اللّحم المشويّ، وقد تكون الرّائحة أخّاذةً، لكن من يُوضَع على وجهه هذا القتار يجعل له طبقةً سوداء.

﴿ وَلَا يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ وَلَا ذِلَّةٌ ﴾؛ لأنّهم اتّقوا الله سبحانه وتعالى، وأحبّوا منهجه، قال سبحانه وتعالى: ﴿ يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ ﴾ ]آل عمران: من الآية 106[، فليس المقصود هو لون الوجه في الدّنيا؛ لأنّك قد تجد إنساناً أسود اللّون لكنّه بالإيمان قد أشرق وجهه وأحاطت ملامحه هالةٌ من البهاء، وهناك من هو أبيض الوجه، ولكنّه من فرط معصية الله جل جلاله صار هذا الوجه بلا نورٍ.

([1]) صحيح مُسلم: كتاب الإيمان، باب إثبات رؤية المؤمنين في الآخرة ربّهم I، الحديث رقم (181).

«لِلَّذِينَ»: اللام حرف جر واسم الموصول في محل جر به متعلقان بالخبر المقدم.

«أَحْسَنُوا»: ماض وفاعله والجملة صلة.

«الْحُسْنى»: مبتدأ مؤخر مرفوع بالضمة المقدرة على الألف للتعذر والحسنى الجنة.

«وَزِيادَةٌ»: معطوف على الحسنى والجملة مستأنفة والزيادة هي النظر لوجه الله العظيم.

«وَلا»: الواو عاطفة ولا نافية.

«يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ»: مضارع ومفعوله المقدم وفاعله المؤخر والهاء مضاف إليه والجملة معطوفة.

«وَلا»: الواو عاطفة ولا نافية.

«ذِلَّةٌ»: معطوف على قتر.

«أُولئِكَ»: اسم إشارة مبتدأ والكاف للخطاب.

«أَصْحابُ»: خبر والجملة مستأنفة.

«الْجَنَّةِ»: مضاف إليه.

«هُمْ»: مبتدأ.

«فِيها»: متعلقان بخالدون.

«خالِدُونَ»: خبر مرفوع بالواو لأنه جمع مذكر سالم والجملة مستأنفة.

لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا: بالإيمان.

الْحُسْنى: المثوبة الحسنى وهي الجنة.

وَزِيادَةٌ: ما يزيد على المثوبة تفضلا، وهي النظر إلى الله تعالى، كما في حديث مسلم وقيل: الزيادة: الفضل أو تضعيف الحسنات إلى عشر أمثالها.

ودليل التفضل قوله تعالى: وَيَزِيدُهُمْ مِنْ فَضْلِهِ [النساء 4/ 173 وغيرها] .

وَلا يَرْهَقُ: يغشى.

قَتَرٌ: غبرة فيها سواد.

وَلا ذِلَّةٌ: كآبة وهوان، والمعنى لا يرهقهم ما يرهق أهل النار، أو لا يرهقهم ما يوجب ذلك من حزن وسوء حال.

خالِدُونَ: دائمون لا زوال فيها ولا انقراض لنعيمها، بخلاف الدنيا وزخارفها.