الحجّ يختلف عن العمرة، بركن الوقوف في عرفة بل “الحجّ عرفة“([1]) كما قال عليه الصّلاة والسّلام.
(لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ): الجناح الإثم، ولـمّا أمر الله تبارك وتعالى بتنزيه الحجّ عن الرّفث والفسوق والجدال رخّص في التّجارة، والمعنى لا جناح عليكم في أن تبتغوا فضل الله، وابتغاء الفضل ورد في القرآن الكريم بمعنى التّجارة، قال الله سبحانه وتعالى: (فَانتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِن فَضْلِ اللَّهِ) [الجمعة: من الآية 10]، والدّليل على صحّة هذا ما رواه البخاريّ عن ابن عبّاس رضي الله عنهما قال: كانت عكاظ ومجنَّة وذو المجاز أسواقاً في الجاهليّة فتأثّموا أن يتّجروا في المواسم فنزلت: (لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَبْتَغُوا فَضْلًا مِّن رَّبِّكُمْ) في مواسم الحجّ([2])، وهذا دليل على جواز الاتّجار في الحجّ مع أداء العبادة والنّسك.
(فَإِذَا أَفَضْتُم مِّنْ عَرَفَاتٍ): ما هي الإفاضة؟ الفائض عن الكأس من الماء ما زاد عنه بعد امتلائه، فالزّيادة عن الموجود، افترق عنه ففاض عن الموجود، ودائماً عرفات عندما تنظر إليها ترى بأنّها فائضة، وكلمة الإفاضة من عرفات كأنّه كأس ممتلئة، ومنذ ذلك الوقت وحتّى الآن وهي تمتلئ، ولم يأت موسم أو عام من الأعوام إلّا وعرفات ممتلئة وتفيض، لذلك كانت هذه الآية بهذه الدّقّة:
(فَإِذَا أَفَضْتُم مِّنْ عَرَفَاتٍ) عرفات يعرف فيها الإنسان ربّه ويعرف نفسه ويعرف ذنبه في ذلك الموقف العظيم، هناك أقوال عديدة لماذا سمّيت عرفات بهذا الاسم؟ لم يرجح فيها قول على آخر.