البِرّ: هو السّعة، ومنها: البَرّ أي الأرض المتّسعة، مأخوذة من السّعة، مع أنّ البحار أكبر من اليابسة، لكنّ حركة الإنسان في البحار مقيّدة، لا يستطيع أن يتحرّك إلّا ضمن حدود السّفينة، بينما في البرّ فحركته مطلقة.
(لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّىٰ تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ): هنا المقصود الجنّة، فالإنسان يطلب الجنّة، لكنّه لن يحصل عليها حتّى يُنفق ممّا يحبّه، فالإنفاق برهان على الإيمان كما قال صلَّى الله عليه وسلَّم: «والصّلاة نور والصّدقة برهان»([1])، فالإنسان عندما يُنفق من كدّه وسعيه في هذه الحياة في سبيل الله سبحانه وتعالى ويُعطي الفقراء والمحتاجين فهو يُبرهن على امتثاله لأمر الله سبحانه وتعالى، والرّضا بما أمر الله، واليقين أنّ ما عند الله سبحانه وتعالى هو خيرٌ وأبقى ممّا عند البشر.
وعمليّة الإنفاق هي معاملةٌ مع الله سبحانه وتعالى ، كما قال سبحانه وتعالى: (مَّن ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا) [البقرة: من الآية 245]، ولم يقل: (من ذا الّذي يُقرض الفقراء)، فالتّعامل هنا مع الله، فإذا أردت أن تتعامل مع عظيم أو غنيّ أو صاحب جاه في الدّنيا فإنّك تُقدِّم أحسن وأحبّ ما عندك لتُرضيه، فكيف إذا كنت تتعامل مع الله؟! قال صلّى الله عليه وسلّم: «الخلق عيال الله، وأحبّ عباد الله إلى الله أنفعهم لعياله»([2])، والنّفعيّة تكون إمّا بإنفاق المال، أو بإنفاق الجاه، أو السّعي في حاجة النّاس.. فعندما تُنفق في سبيل الله، فأنت تُنفق في مصارف الزّكاة والصّدقات الّتي بيّنها كتاب الله سبحانه وتعالى.