﴿لاَّ تُدْرِكُهُ الأَبْصَارُ﴾: الأبصار: جمع بصائر، والبصر آلة إدراكٍ لها قانونٌ، لكنّ الإدراك هو الإحاطة، قال أصحاب موسى: ﴿إِنَّا لَمُدْرَكُونَ﴾ [الشّعراء: من الآية 61]، أي أُحيط بنا، ﴿لاَّ تُدْرِكُهُ الأَبْصَارُ﴾ أي إنّك لا يمكن أن ترى الله سبحانه وتعالى في الحياة الدّنيا، ولو أدركته لحدّدته، والقادر لا ينقلب مقدوراً.
﴿وَهُوَ يُدْرِكُ الأَبْصَارَ﴾: الله سبحانه وتعالى يحيط بكلّ شيءٍ، يحيط بالنّاس والأبصار؛ لأنّ البصر هو عبارةٌ عن آلةٍ لها قانونٌ، تستطيع أن ترى عبر مسافةٍ معيّنةٍ، لكن إذا فصلتْ بينك وبين الجسم الّذي أمامك مسافةٌ فإنّك لن تراه، مع أنّه موجودٌ؛ لأنّ الإبصار هو عبارةٌ عن إشعاعٍ يخرج من الشّيء المبصَر إلى العين فتراه ضمن قانونٍ، فالله سبحانه وتعالى لا يمكن أن تدركه الأبصار أبداً، ﴿وَهُوَ يُدْرِكُ الأَبْصَارَ﴾؛ لأنّه هو خالق الأبصار.
﴿وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ﴾: الله سبحانه وتعالى لطيفٌ بعباده، اللّهمّ إنّا نسألك اللّطف الخفيّ، اللّطف الإلهيّ هو: إذا ناديته لبّاك، وإذا قصدته آواك، وإذا أحببته أدناك، وإذا أطعته كفاك، وإذا أعرضت عنه دعاك، وإذا أقرضته من ماله عافاك، هذا جزءٌ من اللّطف، هذا اللّطف يكون في المنح وفي المنع، اللّهمّ إنّا لا نسألك ردّ القضاء، ولكن نسألك اللّطف فيه، هذا هو معنى: ﴿وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ﴾، وهذا ما نسمّيه اللّفّ والنّشر، فلا تدركه الأبصار؛ لأنّه لطيفٌ، ويدرك الأبصار؛ لأنّه خبيرٌ.