﴿لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ﴾: جاءت هذه الآية لكلّ ما يتعلّق بالأيمان الّتي يطلقها الإنسان لغواً.
﴿لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ﴾: أي: لا يعاقبكم، فليس هناك عقوبة على اللّغو في الأيمان، ما هو اللّغو؟ هو الشّيء الّذي يجري على اللّسان دون قصدٍ قلبيّ، مثال: والله لا أريد الذّهاب لمكان كذا… هذه أيمان، قسمٌ ويمينٌ، وهذا لغو؛ لأنّه يجري على اللّسان وليس له مرورٌ على القلب وتمكينٌ أو قصدٌ.
﴿وَلَٰكِن يُؤَاخِذُكُم بِمَا عَقَّدتُّمُ الْأَيْمَانَ﴾: عقّدتم وليس عقَدتم، أي تمّ جزم الأمر بالقلب، والثّبات عليه، وعندما قال الله سبحانه وتعالى عن امرأة العزيز: ﴿وَغَلَّقَتِ الأَبْوَابَ﴾ [يوسف: من الآية 23]، لم يقل: غلَقت الأبواب بل قال: غلّقت، أي أحكمت إغلاق الأبواب عن قصد، وهنا عقّدتم كغلّقتم أي هناك إحكامٌ وجزمٌ في القلب على الأيمان، عندها يؤاخذكم الله سبحانه وتعالى، وله كفّارةٌ، فالمؤاخذة هنا ليست عقوبةً وإنّما كفّارةٌ، وهذا من رحمة الله عزَّ وجلّ، فإذا حلف إنسانٌ يميناً وهو عاقدٌ ومرّ هذا الأمر في القلب وله قصدٌ قلبيٌّ، ويريد الرّجوع عن اليمين جعل له كفّارةً أي ستراً، فكلّ كلمة كفرٍ تأتي بمعنى السّتر، أي ستر العقوبة بهذه الكفّارة، وفيها زجرٌ للذّنب أو زجرٌ للنّفس وجبرٌ للذّنب.