القرآن الكريم له أسرارٌ وليس فيه تكرارٌ، فانظر إلى أيّ آيةٍ تعتقد أنّها تكرّرت، اقرأها أكثر من مرّةٍ لتعلم أنّ فيها سرّاً وليس تكراراً، لاحظ الآية الّتي سبقتها: (كَيْفَ وَإِن يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ لَا يَرْقُبُوا فِيكُمْ إِلًّا وَلَا ذِمَّةً ۚ يُرْضُونَكُم بِأَفْوَاهِهِمْ وَتَأْبَىٰ قُلُوبُهُمْ وَأَكْثَرُهُمْ فَاسِقُونَ)، وهنا يقول: (لَا يَرْقُبُونَ فِي مُؤْمِنٍ إِلًّا وَلَا ذِمَّةً ۚ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُعْتَدُونَ)، المرّة الأولى هي إخبارٌ من الله سبحانه وتعالى عنهم بأنّهم لا يراعون لا الجوار ولا القرابة ولا الوفاء بالأمانة، وهنا يقول: بأنّ هؤلاء المشركين الّذين لا يراعون الجوار والقرابة والذّمّة والوفاء بالأمانة إنّما هم المعتدون، إذاً الاعتداء يبيّن أنّ علّة المشكلة هي عدوانهم.
(لَا يَرْقُبُونَ فِي مُؤْمِنٍ إِلًّا وَلَا ذِمَّةً ۚ): لا يراعون لا حقّ الجوار ولا حقّ القرابة ولا حقّ صلة الرّحم ويخونون الأمانة، ويساعدون النّاس ضدّكم ويتآمرون مع أعدائكم فهذا هو الاعتداء.
(وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُعْتَدُونَ): تذييل الآية يختلف عن الآية الأولى، في الأولى إخبارٌ من الله سبحانه وتعالى بأنّهم فاسقون، وهنا يخبر عنهم بأنّهم معتدون.