﴿كَانُوا لَا يَتَنَاهَوْنَ عَن مُّنكَرٍ فَعَلُوهُ﴾: أي قرّروا أن يفعلوه، ومقابل التّناهي عن المنكر التّواصي بالحقّ والتّواصي بالصّبر، كما قال سبحانه وتعالى: ﴿وَالْعَصْرِ * إِنَّ الْإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ * إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ﴾ [العصر].
﴿عَن مُّنكَرٍ﴾: المنكر هو كلّ ما أنكرته الفطرة وأنكره النّاس كالقتل والسّرقة والزّنى والاعتداء.. هنا نقف عند قول النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: «من رأى منكم منكراً فليغيّره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، ومن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان»([1])، فالأمر بالمعروف والنّهي عن المنكر لا يكون لأقوامٍ محدّدين يأمرون النّاس، ويقولون: نحن سلطة الأمر بالمعروف والنّهي عن المنكر، بل كلّ النّاس يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر بالتّواصي، فأنا اليوم أوصيك بالصّبر وأنت غداً توصيني بالصّبر، يومٌ أنت موصي ويومٌ أنت موصى، يومٌ أنت تنهَى ويومٌ أنت تُنهى، إذاً هي تحصينٌ للمجتمع بأكمله وليست فئةٌ من المجتمع تُختار ويقال عنهم: هؤلاء فئة الأمر بالمعروف والنّهي عن المنكر، فإن رأيت أحدهم يدخّن السّجائر فهل تضربه لقول النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: «من رأى منكم منكراً فليغيّره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، ومن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان»([2])، مبرّراً ضربي له أنّني قادرٌ على ضربه، هل هذا هو معنى الحديث؟