(كَالَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ كَانُوا أَشَدَّ مِنكُمْ قُوَّةً): والقوّة تأتي من تطوّر الحضارة وتطوّر العلم، فالدّولة الّتي أخذت نصيبها من الحضارة وعندها علمٌ تكون أكثر قوّةً من الدّول الأخرى، العلم والحضارة هما وسيلتان لتحقيق القوّة في أيّ مجتمعٍ من المجتمعات.
(بِخَلَاقِهِمْ): نصيبهم؛ أي استمتعوا بنصيبهم وحظّهم من هذه الحضارة ومن هذا العلم.
(فَاسْتَمْتَعْتُم بِخَلَاقِكُمْ كَمَا اسْتَمْتَعَ الَّذِينَ مِن قَبْلِكُم بِخَلَاقِهِمْ): استمتعتم بنصيبكم كما استمتع الّذين من قبلكم.
(وَخُضْتُمْ كَالَّذِي خَاضُوا ۚ): بالطّريقة ذاتها بالتّمرّد على منهج الله جلّ وعلا وعلى أنبيائه عليهم السّلام، هذا هو موكب الكفر، والموكب الّذي واجه موكب الأنبياء والرّسل عليهم السّلام.
(أُولَٰئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ ۖ): هذه الأعمال لا قيمة ولا وزن لها، يقول الله تبارك وتعالى: (وَقَدِمْنَا إِلَىٰ مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَّنثُورًا ) [الفرقان]، بطلت هذه الأعمال، في الدّنيا والآخرة، كيف حبطت أعمالهم في الدّنيا وهذه الحضارة العظيمة؟ أين هم؟ أين فرعون؟ أين إرم ذات العماد؟ أين هي هذه الحضارات؟ إذاً حبطت في الدّنيا ولم تبق؛ لأنّ الإنسان هو عالم أغيار، ومهما بلغ من العلم والحضارة فإنّها تنتهي بانتهاء حياته.
(وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ): لأنّهم خسروا الدّنيا وخسروا الآخرة، خسران الدّنيا هو التّمتع الّذي يراه بعض النّاس في جزءٍ من الحياة الدّنيا بأنّه حاز على الدّنيا، فسعادة وطمأنينة وسكينة المؤمن تعدله بذلك.