الآية رقم (69) - كَالَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ كَانُواْ أَشَدَّ مِنكُمْ قُوَّةً وَأَكْثَرَ أَمْوَالاً وَأَوْلاَدًا فَاسْتَمْتَعُواْ بِخَلاقِهِمْ فَاسْتَمْتَعْتُم بِخَلاَقِكُمْ كَمَا اسْتَمْتَعَ الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ بِخَلاَقِهِمْ وَخُضْتُمْ كَالَّذِي خَاضُواْ أُوْلَـئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الُّدنْيَا وَالآخِرَةِ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ

(كَالَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ كَانُوا أَشَدَّ مِنكُمْ قُوَّةً): والقوّة تأتي من تطوّر الحضارة وتطوّر العلم، فالدّولة الّتي أخذت نصيبها من الحضارة وعندها علمٌ تكون أكثر قوّةً من الدّول الأخرى، العلم والحضارة هما وسيلتان لتحقيق القوّة في أيّ مجتمعٍ من المجتمعات.

(بِخَلَاقِهِمْ): نصيبهم؛ أي استمتعوا بنصيبهم وحظّهم من هذه الحضارة ومن هذا العلم.

(فَاسْتَمْتَعْتُم بِخَلَاقِكُمْ كَمَا اسْتَمْتَعَ الَّذِينَ مِن قَبْلِكُم بِخَلَاقِهِمْ): استمتعتم بنصيبكم كما استمتع الّذين من قبلكم.

(وَخُضْتُمْ كَالَّذِي خَاضُوا ۚ): بالطّريقة ذاتها بالتّمرّد على منهج الله جلّ وعلا وعلى أنبيائه عليهم السّلام، هذا هو موكب الكفر، والموكب الّذي واجه موكب الأنبياء والرّسل عليهم السّلام.

(أُولَٰئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ ۖ): هذه الأعمال لا قيمة ولا وزن لها، يقول الله تبارك وتعالى: (وَقَدِمْنَا إِلَىٰ مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَّنثُورًا ) [الفرقان]، بطلت هذه الأعمال، في الدّنيا والآخرة، كيف حبطت أعمالهم في الدّنيا وهذه الحضارة العظيمة؟ أين هم؟ أين فرعون؟ أين إرم ذات العماد؟ أين هي هذه الحضارات؟ إذاً حبطت في الدّنيا ولم تبق؛ لأنّ الإنسان هو عالم أغيار، ومهما بلغ من العلم والحضارة فإنّها تنتهي بانتهاء حياته.

(وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ): لأنّهم خسروا الدّنيا وخسروا الآخرة، خسران الدّنيا هو التّمتع الّذي يراه بعض النّاس في جزءٍ من الحياة الدّنيا بأنّه حاز على الدّنيا، فسعادة وطمأنينة وسكينة المؤمن تعدله بذلك.

كَالَّذِينَ: جار ومجرور متعلقان بمحذوف خبر مقدم أي أنتم كالذين أو الكاف اسم بمعنى مثل خبر أنتم مثل الذين..

مِنْ قَبْلِكُمْ: متعلقان بمحذوف صلة الموصول أي كالذين مضوا من قبلكم.

كانُوا أَشَدَّ: كان واسمها وخبرها، والجملة في محل نصب حال.

مِنْكُمْ: متعلقان باسم التفضيل أشد.

قُوَّةً: تمييز.

وَأَكْثَرَ: عطف على أشد.

أَمْوالًا: تمييز.

وَأَوْلاداً: عطف

فَاسْتَمْتَعُوا: فعل ماض وفاعله.

بِخَلاقِهِمْ: متعلقان بالفعل والجملة معطوفة ومثلها جملة «فَاسْتَمْتَعْتُمْ بِخَلاقِكُمْ» .

كَمَا اسْتَمْتَعَ: المصدر المؤول من ما المصدرية والفعل الماضي في محل جر بالكاف والجار والمجرور متعلقان بمحذوف صفة مفعول مطلق أي استمتاعا كائنا كاستمتاع الذين من قبلكم.

الَّذِينَ: فاعل

مِنْ قَبْلِكُمْ: متعلقان بمحذوف صلة.

بِخَلاقِهِمْ: متعلقان باستمتع.

وَخُضْتُمْ كَالَّذِي: أي كالذين الجار والمجرور متعلقان بمحذوف مفعول مطلق الجملة معطوفة .

(خاضُوا): صلة الموصول.

أُولئِكَ: اسم إشارة مبتدأ

(حَبِطَتْ أَعْمالُهُمْ): خبر، والجملة الاسمية أولئك حبطت أعمالهم مستأنفة.

فِي الدُّنْيا: متعلقان بالفعل

وَالْآخِرَةِ: عطف

وَأُولئِكَ: مبتدأ

هُمُ: ضمير فصل

الْخاسِرُونَ: خبر.

كَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ: أي أنتم أيها المنافقون مثل الذين من قبلكم من الكفار، أو فعلتم مثل ما فعل الذين من قبلكم، وهو أنكم استمتعتم وخضتم كما استمتعوا وخاضوا

فَاسْتَمْتَعُوا: تمتعوا

بِخَلاقِهِمْ: نصيبهم من ملاذ الدنيا

فَاسْتَمْتَعْتُمْ: أيها المنافقون

وَخُضْتُمْ: دخلتم في الباطل والطعن بالنبي صلّى الله عليه وآله وسلم

كَالَّذِي خاضُوا: أي كخوضهم. وفائدة ذكر فَاسْتَمْتَعُوا بِخَلاقِهِمْ وقوله:(كَمَا اسْتَمْتَعَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ بِخَلاقِهِمْ): أن يذم الأولين بالاستمتاع بحظوظ الدنيا ورضاهم بها، والتهائهم بشهواتهم الفانية عن النظر في العاقبة والسعي في تحصيل الفلاح في الآخرة، تمهيدا لذم المخاطبين بمشابهتهم واقتفاء أثرهم.

حَبِطَتْ: بطلت وفسدت أعمالهم وذهبت فائدتها في الدنيا والآخرة، ولم يستحقوا عليها ثوابا في الدارين

وَأُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ: الذين خسروا الدنيا والآخرة