﴿قُل لَّوْ أَنَّ عِندِي مَا تَسْتَعْجِلُونَ بِهِ لَقُضِيَ الأَمْرُ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ﴾: هذا بلاغٌ من رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم لكلّ الخلق بأنّ أحداث الكون إنّما يجريها الحقّ سبحانه وتعالى على الخلق بإرادته وبمواقيت لا يعلمها إلّا هو، وهنا يتبيّن صدق رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم، فهو لم يدّعِ لنفسه بأنّ بيده هذه الأمور، وأنّه يفصل بالحقّ، ويعذّب النّاس، وأنّ عنده علم الغيب.. كلّ هذه الأمور إنّما هي لله سبحانه وتعالى، وحكمة الله سبحانه وتعالى في تأجيل العذاب إلى وقتٍ يحدّده جلّ وعلا لعدّة أسبابٍ: أوّلاً حتّى تكون أبواب التّوبة مفتوحةً، ثانياً هذا يجعل بعض المشركين يجترئون على الله سبحانه وتعالى وعلى المؤمنين ويوغلون في الكفر ويقولون: ما الّذي منع العذاب عنّا؟! إذاً لا يوجد عذابٌ، وهذا تحدّي من الكفّار لرسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم، وهذا التّحدّي هو الّذي يعطي الإيمان رونقه، فكلّما ازدادوا في التّحدّي ازداد الإيمان صلابةً في قلب رسولنا صلَّى الله عليه وسلَّم وفي قلوب المؤمنين إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها.
﴿وَاللّهُ أَعْلَمُ بِالظَّالِمِينَ﴾: هناك الحقّ والباطل، واللّيل والنّهار، والخير والشّر، هذه المقابلات هي الّتي تعزّز القيم الإيمانيّة، ولو أراد الله سبحانه وتعالى لآمن الخلق كلّهم، فهي معركة الحقّ عبر الزّمان وعبر التّاريخ وعبر موكب الرّسالات السّماويّة.