الآية رقم (77) - قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لاَ تَغْلُواْ فِي دِينِكُمْ غَيْرَ الْحَقِّ وَلاَ تَتَّبِعُواْ أَهْوَاء قَوْمٍ قَدْ ضَلُّواْ مِن قَبْلُ وَأَضَلُّواْ كَثِيرًا وَضَلُّواْ عَن سَوَاء السَّبِيلِ

الحديث كما ذكرنا سابقاً يتعلّق باليهود الّذين كانوا يحاولون في المدينة المنوّرة الاتّفاق مع المشركين ضدّ الرّسول صلّى الله عليه وسلّم، وكانوا يغالون في دينهم فهم يريدون نبيّاً من شعب بني إسرائيل، ولا يريدون أن يأتي النّبيّ من العرب، فها هو كعب بن الأشرف -وهو من أثرياء وكبار اليهود- مع أنّ لديه في التّوراة كلّ علامات النّبيّ :، ولديه أنّ هناك إلهاً واحداً، وأنّ التّوراة كتابٌ سماويٌّ، وأنّ موسى عليه السَّلام نبيٌّ من أنبياء الله سبحانه وتعالى ، وأنّ عيسى عليه السَّلام نبيٌّ من أنبياء الله عزَّ وجل، وعندما جاء محمّدٌ صلّى الله عليه وسلّم يدعو لعبادة الله سبحانه وتعالى الواحد الّذي أنزل التّوراة والإنجيل والزّبور، ذهب كعب بن الأشرف إلى مشركي مكّة وقال لهم: أنتم أهدى من محمّدٍ سبيلاً، فاليهود هم الّذين غالوا.

﴿وَلَا تَتَّبِعُوا أَهْوَاءَ قَوْمٍ قَدْ ضَلُّوا مِن قَبْلُ وَأَضَلُّوا كَثِيرًا﴾: ضلّوا سابقاً وعبدوا العجل، هذا الضَّلال الأوّل، وأضلّوا كثيراً من خلفهم ممّن سار على نهجهم.

﴿وَضَلُّوا عَن سَوَاءِ السَّبِيلِ﴾: ضلّوا عن الصّراط المستقيم الّذي يؤدّي إلى الغاية وفلاح الدّنيا والآخرة، فشعب بني إسرائيل الّذين وقفوا بوجه سيّدنا موسى عليه السَّلام بعد أن تجرّؤوا وطلبوا رؤية الله سبحانه وتعالى جهرةً، وبعد أن شقّ بعصاه البحر، وبعد أن أنزل الله سبحانه وتعالى عليه المنّ والسّلوى، وبعد كلّ العطايا والآيات الّتي نزلت عليهم ضلّوا، فكان الضّلال ديدنهم في كلّ مكان.

(قُلْ): الجملة مستأنفة

يا: أداة نداء

أَهْلَ: منادى مضاف، والكتاب مضاف إليه

لا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ: تغلوا مضارع مجزوم بلا الناهية وعلامة جزمه حذف النون لأنه من الأفعال الخمسة والواو فاعله، في دينكم متعلقان بتغلوا

غَيْرَ الْحَقِّ: غير صفة لمفعول مطلق محذوف لا تغلوا غلوا غير الحق، الحق مضاف إليه والجملة مقول القول مفعول به.

قَوْمٍ: مضاف إليه.

قَدْ ضَلُّوا: الجملة صفة لقوم

مِنْ: حرف جر

قَبْلُ: مفعول فيه ظرف زمان مبني على الضم لانقطاعه عن الإضافة في محل جر بمن،

وَأَضَلُّوا كَثِيراً: فعل ماض وفاعل ومفعول به والجملة معطوفة

(وَضَلُّوا عَنْ سَواءِ السَّبِيلِ): معطوفة.

يا أَهْلَ الْكِتابِ: اليهود والنصارى

لا تَغْلُوا: تجاوزوا الحدود، والغلو: نقيض التقصير، وهو الإفراط وتجاوز الحد

فِي دِينِكُمْ غَيْرَ الْحَقِّ: أي غلوا باطلًا، بأن تضعوا عيسى أو ترفعوه فوق حقه

أَهْواءَ قَوْمٍ: آراء قوم مبعثها الهوى والشهوة دون الحجة والبرهان

قَدْ ضَلُّوا مِنْ قَبْلُ: بغلوهم وهم أسلافهم

وَأَضَلُّوا كَثِيراً: من الناس

وَضَلُّوا عَنْ سَواءِ السَّبِيلِ: طريق الحق، والسواء في الأصل: الوسط.