الآية رقم (33) - قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَن تُشْرِكُواْ بِاللّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَن تَقُولُواْ عَلَى اللّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ

في هذه الآية يبيّن الله سبحانه وتعالى خمسة أنواعٍ من المحرّمات:

– أوّلاً: ﴿قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ﴾: لسلامة أيّ مجتمعٍ يجب أن تكون الفاحشة محرّمةً، والفاحشة كما قال العلماء: كنايةٌ عن الزّنا؛ لأنّ طهارة الأنساب والأعراض هي أساسٌ لبناء المجتمعات، فإذا تداخلت الأنساب فلن يوجد أبٌ يعرفُ ولده، وستختلط الأمور وينهدم النّظام الاجتماعيّ الّذي أراده الله سبحانه وتعالى للمجتمع.

وأنواع الفواحش كلّها محرّمةٌ إن كانت ظاهرةً؛ أي شائعةً في المجتمع، أو باطنةً مستورةً غير معلومةٍ، وهذه الفواحش حاربها الإسلام، وسدّ منافذ الدّخول إليها، ومنع الإنسان من النّظر إلى المحرّمات ومن الاقتراب من هذه الدّائرة، دائرة الزّنا واللّواط.

– ثانياً: ﴿وَالْإِثْمَ﴾: قال العلماء: الإثم هو الكبائر، كالخمر والميسر، فلقد ضَمِن الإسلام تنظيم حركة المجتمع بأن يكون وفق العقل؛ لأنّ الخمر يُذهب العقل، والقمار يُذهب المال، فحركة المجتمع تعتمد على عقليّة البشر، فإذا غيّبَ الخمرُ العقلَ، وإذا أكل النّاس أموال بعضهم بعضاً بالميسر، فإنّ نظام حركة المجتمع يختلّ؛ لذلك كان أوّل المحرّمات الفواحش؛ لأنّها تتعرّض للأعراض والأنساب، وثاني المحرّمات الإثم؛ لضمان حركة تنظيم المجتمع وضمان العقل، وسير الإنسان في هذا المجتمع وحماية الأموال.

قُلْ: الجملة مستأنفة

إِنَّما: كافة ومكفوفة.

حَرَّمَ: ماض فاعله مستتر

رَبِّيَ: فاعل حرم مرفوع بالضمة المقدرة على ما قبل ياء المتكلم، والياء في محل جر بالإضافة.

الْفَواحِشَ: مفعول به.

ما ظَهَرَ مِنْها: ما اسم موصول مبني على السكون في محل نصب بدل من الفواحش

وجملة (ظهر): صلة الموصول لا محل لها.

وَما بَطَنَ: عطف.

وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ: عطف على الفواحش.

بِغَيْرِ: متعلقان بالبغي.

الْحَقِّ: مضاف إليه

وجملة (إِنَّما حَرَّمَ): مقول القول.

وَأَنْ تُشْرِكُوا: مضارع منصوب بأن وعلامة نصبه حذف النون والواو فاعل، والمصدر المؤول معطوف أيضا حرم ربي الفواحش والشرك.

بِاللَّهِ: متعلقان بتشركوا.

ما: اسم موصول مفعول به

لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطاناً: مضارع مجزوم تعلق به الجار والمجرور

وسلطانا: مفعوله والجملة صلة الموصول لا محل لها.

وَأَنْ تَقُولُوا: المصدر المؤول معطوف تقديره حرم الشرك وقول مالا تعلمون.

عَلَى: حرف جر

اللَّهِ: لفظ الجلالة في محل جر متعلقان بالفعل قبلهما

ما: اسم موصول في محل نصب مفعول به

وجملة (لا تَعْلَمُونَ): صلته.

الْفَواحِشَ: الأفعال الزائدة في القبح، التي تنفر منها الفطر السليمة والعقول الراجحة، وهي الكبائر مثل الزنى والقذف والسّب القبيح والبخل ونحوها.

ما ظَهَرَ مِنْها وَما بَطَنَ: أي الجهرية والسرية.

وَالْإِثْمَ: المعصية مطلقا، وهي تشمل الكبائر كما ذكر والصغائر مثل النظر بشهوة لغير الزوجة.

وَالْبَغْيَ: الظلم وتجاوز الحدود في الفساد والحقوق.

سُلْطاناً: حجّة.

وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ ما لا تَعْلَمُونَ: من تحريم ما لم يحرم وغيره