في هذه الآية يبيّن الله سبحانه وتعالى خمسة أنواعٍ من المحرّمات:
– أوّلاً: ﴿قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ﴾: لسلامة أيّ مجتمعٍ يجب أن تكون الفاحشة محرّمةً، والفاحشة كما قال العلماء: كنايةٌ عن الزّنا؛ لأنّ طهارة الأنساب والأعراض هي أساسٌ لبناء المجتمعات، فإذا تداخلت الأنساب فلن يوجد أبٌ يعرفُ ولده، وستختلط الأمور وينهدم النّظام الاجتماعيّ الّذي أراده الله سبحانه وتعالى للمجتمع.
وأنواع الفواحش كلّها محرّمةٌ إن كانت ظاهرةً؛ أي شائعةً في المجتمع، أو باطنةً مستورةً غير معلومةٍ، وهذه الفواحش حاربها الإسلام، وسدّ منافذ الدّخول إليها، ومنع الإنسان من النّظر إلى المحرّمات ومن الاقتراب من هذه الدّائرة، دائرة الزّنا واللّواط.
– ثانياً: ﴿وَالْإِثْمَ﴾: قال العلماء: الإثم هو الكبائر، كالخمر والميسر، فلقد ضَمِن الإسلام تنظيم حركة المجتمع بأن يكون وفق العقل؛ لأنّ الخمر يُذهب العقل، والقمار يُذهب المال، فحركة المجتمع تعتمد على عقليّة البشر، فإذا غيّبَ الخمرُ العقلَ، وإذا أكل النّاس أموال بعضهم بعضاً بالميسر، فإنّ نظام حركة المجتمع يختلّ؛ لذلك كان أوّل المحرّمات الفواحش؛ لأنّها تتعرّض للأعراض والأنساب، وثاني المحرّمات الإثم؛ لضمان حركة تنظيم المجتمع وضمان العقل، وسير الإنسان في هذا المجتمع وحماية الأموال.