اختلف الرّسول صلَّى الله عليه وسلَّم مع المشركين حول قضيّةٍ عقائديّةٍ أساسيّةٍ متعلّقةٍ بالإيمان والكفر، بالإيمان والإشراك، بتعدّد الآلهة أو بعدم وجود آلهةٍ، عندما يختلف الإنسان مع الآخرين المناوئين له يطلب حكماً وبيّنةً للخلافات، والشّهود هم إحدى البيّنات، فتصوّروا أنّ الله سبحانه وتعالى هو الشّاهد وهو الحكم وهو المنفّذ، هذا معنى قوله جلَّ جلاله: ﴿قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَادةً﴾، الله عزَّ وجلّ يشهد على صدق أنّه لا إله إلّا هو.
هذا الإيمان العميق في قلب النّبيّ صلَّى الله عليه وسلَّم أراد أن يرسله إلى النّاس وأن يبلّغهم إيّاه من خلال رسالته، رسالة الخير والرّحمة: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِّلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ﴾ [سبأ]، فهو مبعوثٌ للبشريّة جمعاء: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ﴾ [الأنبياء]، فما كان لرحمة السّماء أن تكون وسيلةً لشقاء النّاس.