﴿قُلْ﴾: يا محمّد.
﴿أَمَرَ رَبِّي بِالْقِسْطِ ۖ وَأَقِيمُوا وُجُوهَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ﴾: في جملةٍ واحدةٍ، وفي آيةٍ قصيرةٍ أجملَ الله سبحانه وتعالى الدّين كلّه، بعقيدته وتشريعاته وأخلاقيّاته الّتي جاء بها.
﴿بِالْقِسْطِ﴾: أي بالعدل.
ما دام أنّهم يقولون على الله سبحانه وتعالى ما لا يعلمون، ويدّعون بأنّه سبحانه وتعالى هو الّذي أمر بهذه الفحشاء، فقل: أمر ربّي قبل كلّ شيءٍ، قبل أن يتحدّث عن الصّلاة وعن المساجد، ﴿أَمَرَ رَبِّي بِالْقِسْطِ﴾، وقال جلَّ جلاله في آيةٍ أخرى: ﴿إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ﴾ [النّحل: من الآية 90]، والإسلام جاء ليساوي بين النّاس، قال النّبيّ صلَّى الله عليه وسلَّم: «إنّ الله عزَّ وجلّ قد أذهب عنكم عُبيّة الجاهليّة وفخرها بالآباء، مؤمنٌ تقيٌّ، وفاجرٌ شقيٌّ، أنتم بنو آدم، وآدم من تراب»([1])، لا يوجد فارقٌ ما بين كبيرٍ وصغيرٍ، ما بين أميرٍ ومأمورٍ، ما بين غنيٍّ وفقيرٍ، المساواة في كلّ شيءٍ، لذلك تعلّم أبناء الإسلام العدل من القرآن الكريم ومن رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم، عندما كلّمه أسامة في امرأةٍ مخزوميّةٍ من عليّة القوم سرقت فقال: «أتشفع في حدٍّ من حدود الله؟!»، ثمّ قام فاختطب ثمّ قال: «إنّما أهلك الّذين قبلكم أنّهم كانوا إذا سرق فيهم الشّريف تركوه، وإذا سرق فيهم الضّعيف أقاموا عليه الحدّ، وأيم الله، لو أنّ فاطمة بنت محمّدٍ سرقت لقطعت يدها»([2])، لماذا؟ الجواب: لأنّ هناك مساواةً، فأيّ دعوةٍ وأيّ دينٍ وأيّ أخلاقٍ لا تساوي بين النّاس وتفرّق بينهم هي دعواتٌ باطلةٌ، لذلك قال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم: «الخلق عيال الله، وأحبّ عباد الله إلى الله أنفعهم لعياله»([3]).