الآية رقم (104) - قَدْ جَاءكُم بَصَآئِرُ مِن رَّبِّكُمْ فَمَنْ أَبْصَرَ فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ عَمِيَ فَعَلَيْهَا وَمَا أَنَاْ عَلَيْكُم بِحَفِيظٍ

كان يتحدّث عن الأبصار، والآن يتحدّث عن البصائر:

﴿قَدْ جَاءكُم بَصَآئِرُ مِن رَّبِّكُمْ﴾: ما الفارق بين البصائر والأبصار؟ البصائر: جمع بصيرة، وهي للمؤمن فقط؛ لأنّها تتعلّق بالقلب، وتكون للإشراقات والمعنويّات والقلب، فنور القيم لا يأتي إلّا للقلب، أمّا الأبصار: فهي للعين، وتكون للمؤمن والكافر والنّاس كافّةً.

﴿فَمَنْ أَبْصَرَ فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ عَمِيَ فَعَلَيْهَا﴾: لأنّ الإنسان لن يكون له إلّا جزاء العمل، ﴿وَأَن لَّيْسَ لِلْإِنسَانِ إِلَّا مَا سَعَى (39) وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَى (40) ثُمَّ يُجْزَاهُ الْجَزَاء الْأَوْفَى﴾ [النّجم].

﴿وَمَا أَنَاْ عَلَيْكُم بِحَفِيظٍ﴾: الحفيظ: اسمٌ من أسماء الله الحسنى، أي يحفظكم من الشّرك، فقل يا محمّد: أنا لست عليكم بحفيظٍ ولست عليكم بجبّار: ﴿فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنتَ مُذَكِّرٌ (21) لَّسْتَ عَلَيْهِم بِمُصَيْطِرٍ (22) إِلَّا مَن تَوَلَّى وَكَفَرَ (23) فَيُعَذِّبُهُ اللَّهُ الْعَذَابَ الْأَكْبَرَ (24) إِنَّ إِلَيْنَا إِيَابَهُمْ (25) ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا حِسَابَهُمْ﴾ [الغاشية].

قَدْ جاءَكُمْ بَصائِرُ: فعل ماض ومفعوله وفاعله

و قَدْ: حرف تحقيق

مِنْ رَبِّكُمْ: متعلقان بمحذوف صفة بصائر أو بالفعل، والجملة مستأنفة لا محل لها.

فَمَنْ: من اسم شرط جازم مبني على السكون في محل رفع مبتدأ، والفاء استئنافية

أَبْصَرَ: فعل ماض وهو في محل جزم فعل الشرط، والجملة في محل رفع خبر المبتدأ

فَلِنَفْسِهِ: الجار والمجرور متعلقان بمحذوف خبر لمبتدأ محذوف والتقدير فإبصاره لنفسه، والجملة الاسمية المقدرة في محل جزم جواب الشرط بعد الفاء الرابطة

وجملة (من أبصر): مستأنفة لا محل لها.

وَمَنْ عَمِيَ فَعَلَيْها: إعرابها كإعراب سابقتها، والجملة معطوفة عليها.

وَما: ما الحجازية تعمل عمل ليس، والواو استئنافية

أَنَا: ضمير رفع في محل رفع اسم ما

عَلَيْكُمْ: متعلقان بالخبر بعدهما

بِحَفِيظٍ: الباء حرف جر زائد

حفيظ: اسم مجرور لفظا منصوب محلا على أنه خبر ما، والجملة مستأنفة لا محل لها.

بَصائِرُ: أي حجج بيّنات وآيات واضحات، وتطلق البصيرة على عدة معان: عقيدة القلب، والمعرفة الثابتة يقينًا، والعبرة، والقوة التي تدرك بها الحقائق العلمية، ويقابلها البصر الذي تدرك به الأشياء الحسية

فَمَنْ أَبْصَرَ فَلِنَفْسِهِ: أي فمن أدركها فآمن فثواب إبصاره له بِحَفِيظٍ رقيب لأعمالكم، إنما أنا نذير.