(قَالَ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلامٌ وَقَدْ بَلَغَنِيَ الْكِبَرُ وَامْرَأَتِي عَاقِر): هنا نرى أدب الأنبياء عليهم السَّلام، ومعلوم أنّ الرّجال حتّى لو بلغوا الكبر ممكن أن ينجبوا أولاداً، لكنّه لم يرد أن يقول عن زوجته: إنّها عاقر من دون أن يقدّم بأنّه هو كبير بالسّنّ، وفي هذا تكريم لزوجته، فلو قال: امرأتي عاقر كان يكفي، لكنّه قال: بلغني الكبر، ليضع السّبب بنفسه قبل أن يضعه بزوجته.
(قَالَ كَذَٰلِكَ اللَّهُ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ): إذاً طلاقة قدرة الله سبحانه وتعالى بأنّه يحيي الموتى، ويرزق بغير حساب، ويفعل من دون أسباب، وأنّه إذا أراد شيئاً فإنّما يقول له: كن فيكون، ذكرها الله سبحانه وتعالى هنا، فهو وحده الفعّال لما يريد، لا يوجد بشر فعّال لما يريد، فإذا أراد أحدنا شيئاً فمن الممكن أن تتغيّر الظّروف أو أن تتغيّر إرادته؛ لأنّنا في عالم أغيار، تتغيّر أحوالنا ما بين قوّة وضعف، وصحّة ومرض، وغنى وفقر، وحياة وموت.