الآية رقم (29) - قَاتِلُواْ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَلاَ بِالْيَوْمِ الآخِرِ وَلاَ يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَلاَ يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُواْ الْجِزْيَةَ عَن يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ

الآيات المتعلّقة بأهل الكتاب تؤخذ على منحى عقديّ ومنحى سلوكيّ، والإسلام وضع قاعدةً للتّعامل مع أهل الكتاب، فقال سبحانه وتعالى: ( لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِّلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا ۖ وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُم مَّوَدَّةً لِّلَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَىٰ ۚ ذَٰلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا وَأَنَّهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ )  [المائدة: من الآية 82]، أمّا ما يتعلّق بالعقائد، فلا شكّ أنّ هناك خلافاً بيننا وبينهم، ولكنّنا نعود إلى الآية المحكمة الّتي تقول: (لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ ۖ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ ۚ ) [البقرة: من الآية 256]، ومن خلال استعراض كتاب الله سبحانه وتعالى وسنّة رسوله الكريم : نجد أنّ الإسلام لم يكره أهل الكتاب على الدّخول في الإسلام، بل تركهم وأباح الزّواج من نسائهم وأكل طعامهم، ودعوته ليست قائمةً على الإجبار والإكراه، فقال سبحانه وتعالى مخاطباً رسوله الكريم : (ادْعُ إِلَىٰ سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ ۖ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ۚ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ ۖ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ)  [النّحل]، بالحكمة والموعظة وليس بالقتل والإكراه، ولكن عندما يقول: (قَاتِلُوا)، إذاً هناك طرفٌ معتدٍ يُقاتل، فعليكم أن تردّوا اعتداءه.

قاتِلُوا: فعل أمر مبني على حذف النون، والواو فاعل

الَّذِينَ: اسم الموصول مفعول به.

لا يُؤْمِنُونَ: مضارع مرفوع بثبوت النون، والواو فاعله

بِاللَّهِ: متعلقان بالفعل.

وَلا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ: عطف.

وَلا يُحَرِّمُونَ ما: فعل وفاعل واسم الموصول ما مفعوله والجملة الفعلية معطوفة.

(حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ): صلة الموصول.

وَلا يَدِينُونَ: مضارع والواو فاعله

دِينَ: اسم منصوب بنزع الخافض أو مفعول به على تضمين معنى يدينون يعتنقون.

الْحَقِّ: مضاف إليه.

مِنَ الَّذِينَ: متعلقان بالفعل.

أُوتُوا: فعل ماض مبني للمجهول، والواو نائب فاعل وهو المفعول الأول

الْكِتابَ: هو المفعول الثاني، والجملة صلة الموصول.

حَتَّى: حرف غاية وجر.

يُعْطُوا: مضارع منصوب والمصدر من حتى والفعل في محل جر بحرف الجر، والجار والمجرور متعلقان بقاتلوا.

الْجِزْيَةَ: مفعول به

عَنْ يَدٍ: متعلقان بمحذوف حال.

وَهُمْ صاغِرُونَ: مبتدأ وخبر والجملة في محل نصب حال.

لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ: لا يؤمنون إيمانا صحيحاً بالله لأن اليهود جعلوا عزيرا ابن الله، والنصارى جعلوا عيسى ابن الله، وهو الله، ولا يؤمنون باليوم الآخر على نحو صحيح لأن النصارى يجعلون الدينونة والحساب لعيسى لا لله تعالى، ثم إنهم جميعاً كفروا بمحمد صلّى الله عليه وآله وسلم الذي أمروا في كتبهم بالإيمان به، فلم يبق لهم إيمان صحيح بأحد من الرسل ولا بما جاؤوا به، وإنما يتبعون أهواءهم فيما هم فيه، ولا يتبعون شرع الله ودينه

ما حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ: كالخمر والربا

وَلا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ: الثابت الناسخ لغيره من الأديان، وهو دين الإسلام، يقال: دان بكذا: اتخذه دينا وعقيدة

مِنَ الَّذِينَ: بيان للذين الأولى.

أُوتُوا الْكِتابَ: أي اليهود والنصارى

حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ: يلتزموا أداء الجزية، وهي ضريبة مفروضة على الأشخاص القادرين، لا على الأرض، كضرائب الدخل اليوم

عَنْ يَدٍ: سعة وقدرة

وَهُمْ صاغِرُونَ: الصغار: التزام أحكام الإسلام وسيادته.