كيف يمكن للرّسول ﷺ أن يكذب على الله جل جلاله، وهو لم يكذب عليهم في حياته وأموره معهم، وقد جرّبوا ذلك؟ إنّ الّذي لم يكذب في أوّل حياته ليس من المعقول أن يكذب في كبره.
﴿فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا﴾: عندما يكذب الكاذب يفعل ذلك ليدلّس على الّذين أمامه، فهل يكذب أحدٌ على من يعرف الأمور على حقيقتها وهو الله سبحانه وتعالى؟ لا أحد قادرٌ على ذلك، ومن يكذب على البشر المساوين له يظلمهم، لكن الأظلم منه هو من يكذب على الله سبحانه وتعالى ويقول: هذا من عند الله عز وجل.
﴿افْتَرَى﴾: الافتراء: هو كذبٌ متعمّدٌ، فمن الجائز أن يقول الإنسان قضيّةً يعتقد أنّها واقعةٌ بإخبار من يثق به، ثمّ يتبيّن بعد ذلك أنّها غير واقعةٍ، فهذا كذبٌ لكنّه غير متعمّدٍ.
﴿أَوْ كَذَّبَ بِآيَاتِهِ﴾: أي بحججه ورسله وآيات كتابه.
﴿ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْمُجْرِمُونَ﴾: لم يحدّد مَن المجرم، بل ترك الحكم للسّامع، كأن تقول لإنسانٍ في قضيّةٍ بينك وبينه: احكم أنت، فعندما تفوّض هذا الإنسان بالحكم فإنّه لن يصل إلّا لما تريد.